كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

مخوف عورة (¬1)، وقال كراع: عورة الرَّجل في الحرب: ظهره وبذلك فسر هذا البيت، وعشيرة الرَّجل: الذين يعاشرهم من قومه ويعاشرونه، قوله: "من ورائنا" أي: من عيبتنا، فكنى بوراء عن ذلك، فامتدح بحفظهم عورة قومهم بظهر الغيب وأمنهم من ناحيتهم كل نقص وعيب، ويجوز أن يعني: من وراء حفظنا إياهم وذَبِّنا عن حماهم، فحذف المضاف الذي هو حفظ وأقام المضاف إليه مقامه، ومن روى: من ورائهم؛ فالمعنى فيه أوضح وحَمْل الضمير على العشيرة أرجح، قوله: "وكف" أي: عيب، وقيل: الوكف: الإثم، وقيل: الخوف، وقال الأصمعيّ: ليس عليك في ذلك من وكف أي: مكروه، ويقال: أي: نقص، ويروى: نطف وهو التهمة، قوله: "يَا مال" بكسر اللام، يريد به يَا مالك وهو مالك بن العجلان.
6 - قوله: "المكث" -بضم الميم وكسرها، وهو اسم المكث- بفتح الميم، وهو مصدر مكث إذا كان لبث وانتظر، قوله: "المصالت" بفتح الميم؛ جمع مِصلت بكسر الميم، يقال: رجل مِصلت إذا كان ماضيًا في الأمور، قوله: "الأنف" بضمتين أي: المتقدمون في الأمور.
7 - قوله: "نصف" أي: إنصاف.
9 - قوله: "إن بجيرًا" بضم الباء الموحدة وفتح الجيم ويكون الياءآخر الحروف وفي آخره راء.
الإعراب:
قوله: "نحن" مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: نحن راضون، حذف الخبر احترازًا عن العبث وقصدًا للاختصار مع ضيق المقام (¬2)، وقد تكلف فيه بعضهم منهم ابن كيسان (¬3)، وقال: نحن هنا للمعظم نفسه، وأن قوله: "راض": خبر عنه (¬4)، وفيه نظر؛ إذ لا يحفظ مثل: نحن قائم بل يجب في الخبر المطابقة؛ نحو قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 165، 166] (¬5)، قوله: "بما عندنا": يتعلق بالخبر المحذوف، قوله: "وأنت": مبتدأ
¬__________
(¬1) في اللسان، مادة: "عور". العورة في الثغور وفي الحروب: خلل يتخوف منه القتل.
(¬2) ينظر علم المعاني لعبد العزيز عتيق (129)، وحذف ما قبل العطف لدلالة ما بعده مقطوع بثبوته في كلام العرب كما في البيت لكنه ضعيف. ينظر الكتاب لسيبويه (1/ 74، 75)، وشرح التسهيل لابن مالك (1/ 261)، (2/ 50).
(¬3) ابن كيسان: هو أبو الحسن محمَّد بن أَحْمد بن كيسان رأس المدرسة البغدادية، له: المهذب والمختار في علل النحو وغيرهما تُوفِّي سنة (299 هـ) المدارس النحوية (248) وينظر شذرات الذهب (2/ 232) ونشأة النحو (139).
(¬4) قال السيوطي بعد ذكر البيت: "لقد تحيل له ابن كيسان فجعل "نحن" للمتكلم المعظم نفسه ليكون "راضٍ" خبرًا عنه". الأشباه والنظائر (7/ 116) مؤسسة الرسالة.
(¬5) ينظر المغني (623)، ولم يصرح ابن هشام بأن هذا رأي ابن كيسان. قال ابن هشام: "وقد تكلف بعضهم في البيت الأول فزعم أن "نحن" للمعظم نفسه، وأن "راض" خبر عنه ولا يحفظ مثل: نحن قائم بل يجب في الخبر المطابقة نحو: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}.

الصفحة 536