كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

أن الخبر بعد لولا واجب الحذف مطلقًا؛ ولهذا لحنوا المعري في قوله (¬1):
....................... ... فَلَوْلا الغِمْدُ يُمْسِكُهُ لَسَالا (¬2)
قلتُ: قد خرجه بعضهم على أن يمسكه حال لا خبر وكذا قوله: "قبله" ها هنا حالًا لا خبر والخبر محذوف فحينئذ لا استشهاد فيه ولا تشنيع فيه (¬3)، فافهم.

الشاهد السادس والسبعون بعد المائة (¬4) , (¬5)
مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذَا بَتِّي ... مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وهو من رجز مسدس ومنه قوله (¬6):
أَخَذْتهُ مِنْ نَعَجَاتٍ سِتٍّ ... سَوْدٍ جِعَادٍ كَنِعَاجِ الدِّشْتِ
قوله: "ذا بت" أي: ذا كساء، قال ابن الأثير: البت: الكساء الغليظ المربع، وقيل: طيلسان من خز، ويجمع على بتوت (¬7)، قوله: "مقيظ" بكسر الياء المشددة، وكذلك: "المصيف" وكذلك: "المشتي" بكسر التاء المثناة من فوق.
والمعنى: فهذا بتي كسائي يكفيني لقيظي وهو زمان شدة الحُر، ويكفيني للصيف والشتاء، يقال: قيظني هذا الشيء وشتاني وصيفني.
¬__________
(¬1) هذا عجز بيت من الوافر وصدره:
يذيب الرعب منه كل عضب ... ...................
والبيت في ديوانه المسمى سقط الزند (45)، وشرح التسهيل لابن مالك (1/ 236)، والمغني (273، 542).
(¬2) قال سيبويه هذا باب من الابتداء يضمر فيه ما يبنى على الابتداء وذلك قولك: لولا عبد الله لكان كذا وكذا، أما لك ان كذا وكذا فحديث معلق بحديث لولا، وأما عبد الله فإنَّه من حديث لولا .... ". الكتاب لسيبويه (2/ 129).
وقال ابن مالك: "ويحذف الخبر جوازا لقرينة ووجوبًا بعد لولا الامتناعية غالبًا". ينظر شرح التسهيل لابن مالك (1/ 275).
(¬3) قال ابن هشام بعد أن ذكر قول من لحنوا بيت المعري: "وليس بجيد لاحتمال تقدير (يمسكه) بدل اشتمال على أن الأصل: أن يمسكه، ثم حذفت أن وارتفع الفعل، أو تقدير (يمسكه) جملة معترضة، وقيل: يحتمل أنَّه حال من الخبر المحذوف، ... ". المغني (273).
(¬4) شرح ابن عقيل (1/ 257).
(¬5) البيت من بحر الرجز المسدس لرؤبة بن العجاج وهو في ملحقات ديوان رؤبة (189) المسمى مجموع أشعار العرب، وينظر شرح التسهيل لابن مالك (1/ 326) وشرح ابن عقيل (1/ 257) واللسان، مادة: "بتت"، وشرح الأشموني (1/ 224).
(¬6) ملحقات ديوانه (189)، إلَّا أن قوله: "سود جعاد كنعاج الدشت" ليس في الديوان.
(¬7) الصحاح، مادة: "بتت".

الصفحة 539