كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

الإعراب:
قوله: "من": موصولة في محل الرفع على الابتداء، وخبره قوله: "فهذا بتي" وهو جملة من المبتدأ والخبر ودخلت الفاء فيه لتضمن المبتدأ معنى الشرط (¬1).
فإن قلت: كيف صح الشرط والجزاء ها هنا؛ فإن كون ذلك البت بته لا يتسبب عن كون غيره ذا بت؟
قلتُ: المعنى من كان ذا بت فأنا مثله؛ لأن هذا البت بتي، فحذف المسبب وأناب عنه السبب، أو المعنى: فلا يفخر عليّ فإنِّي ذو بت مثله، وقوله: "يك" أصله: يكن حذفت النُّون للتخفيف، وهي صلة الموصول، وقوله: "ذا بت": كلام إضافي منصوب؛ لأنه خبر كان، قوله: "مقيظ": خبر بعد خبر، وكذلك قوله: "مصيف مشتي": خبران بعد خبر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مقيظ مصيف مشتي" فإنَّها أخبار تعددت بلا عاطف؛ كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 14 - 16] (¬2).

الشاهد السابع والسبعون بعد المائة (¬3) , (¬4)
يَنَامُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيهِ ويَتَّقِي ... بأُخْرَى المنَايَا فَهو يَقْظَان هَاجِعٌ
أقول: قائله هو حميد بن ثور الهلالي، وهو من قصيدة عينية، وأولها هو قوله:
¬__________
(¬1) قال ابن مالك: "تدخل الفاء على خبر المبتدأ وجوبًا بعد أما .. وجوازا بعد مبتدأ واقع موقع (من) الشرطية أو ما أختها". التسهيل لابن مالك (51) وزارة الثقافة (1967 م)، وشرح التسهيل لابن مالك (1/ 328).
(¬2) تناول المرادي الخلاف في تعدد الخبر في شرحه للتسهبل: فقال: "مثال ذلك بعطف: زيد فقيه وكاتب وشاعر، ولا خلاف في هذا. ومثاله بغير عطف قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} وقول الراجز: ( ... البيت) ومن منعه قدر لكل خبر غير الأول مبتدأ، أو جعل الثاني صفة للأول، والمنع اختيار ابن عصفور وكثير من المغاربة. والصحيح الجواز كما في النعوت. وقد أجاز سيبويه: هذا رجل منطق. على أنهما خبران". شرح التسهيل للمرادي (1/ 328). وينظر شرح التسهيل لابن مالك (1/ 326، 327)، وحاشية الخضري (1/ 109) وشرح المقرب "المرفوعات" (1/ 730) وما بعدها، وارتشاف الضرب لأبي حيان (2/ 65)، وشرح التسهيل لناظر الجيش (2/ 1120)، وبين ابن عصفور وابن هشام "ماجستير" بالأزهر (145)، وشرح جمل الزجاجي "الكبير" لابن عصفور (1/ 359، 360) والمقرب لابن عصفور (1/ 86).
(¬3) ابن الناظم (50)، وشرح ابن عقيل (1/ 259) وروايته في شرح ابن عقيل:
ينام بإحدى مقلتمه ويتقي ... بأخرى المنايا فهو يقظان نائم
(¬4) البيت من بحر الطَّويل لحميد (بالتصغير) بن ثور الهلالي، وهي في ديوانه (56) تحقيق: محمَّد يوسف نجم=

الصفحة 540