كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

قوله: "ولولا بنوها" أي: ولولا بنو أسماء، وهي بنت أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهما - وزوجة الزبير -رضي اللَّه تعالى عنه- وكانت رابعة أربعة نسوة.
قوله: "لحطبتها" هكذا وقع في كتاب ابن الناظم (¬1)، وهكذا في شرح الكافية (¬2) والخلاصة لأبيه، وهو تصحيف وإنما صوابه: "لحبطتها" بتقديم الباء الموحدة على الطاء، والدليل على ذلك قوله: "كخبطة عصفور"، وهو من خبطت الشجرة إذا ضربتها بالعصا ليسقط ورقها، وخبط البعير الأرض بيده؛ ضربها، ومنه قيل: خبط عشواء، وهي الناقة التي في بصرها ضعف تخبط إذا مشت لا تتوقى شيئًا، قوله: "ولم أتلعثم" من تلعثم يتلعثم- بلام وعين مهملة وثاء مثلثة، يقال: تلعثم في الأمر إذا تأنى فيه وتمهل.
الإعراب:
قوله: "لولا" تأتي لربط امتناع الثانية لوجود الأولى، وقد دخلت هنا على الجملة الاسمية وهي قوله: "بنوها حولها" فإن "بنو": مبتدأ، "وحولها": خبره، قوله: "لحبطتها": جواب لولا، قوله: "كخبطة عصفور": صفة لمصدر محذوف؛ أي: خبطتها خبطًا كخبطة عصفور، قوله: "ولم أتلعثم": جملة وقعت حالًا.
فإن قلتَ: قد تقرر عندهم وجوب حذف "لولا" الامتناعية فكيف أثبت ها هنا؟
قلت: ذاك إذا دل دليل على تعليق امتناع الجواب على نسبة الخبر إلى المبتدأ، أما إذا لم يدل على ذلك دليل فحينئذ يجب ذكره كقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - "لولا قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وجعلت لها بابين" (¬3) رويناه من طريق البخاري وقول الزبير بن العوام - صلى الله عليه وسلم - من هذا القبيل (¬4)، فافهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بنوها حولها" فإنه ذكر فيه خبر المبتدأ الواقع بعد لولا لكونه خاصّا لا دليل عليه لو حذف كما قررناه الآن (¬5).
¬__________
(¬1) ينظر في شرح الألفية لابن الناظم (48).
(¬2) شرح الكافية الشافية لابن مالك (355).
(¬3) الحديث في صحيح البخاري بشرح فتح الباري لابن حجر (1/ 298، 299)، بروايات مختلفة، وينظر صحيح ابن حبان بشرح الإحسان (9/ 126) رقم (3817)، تأليف: علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، طبعة أولى (1991 م).
(¬4) ينظر توضيح المقاصد (1/ 288 - 290).
(¬5) ينظر تحقيق الشاهد رقم (164).

الصفحة 551