كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

رد على أبي عمرو بن العلاء؛ إذ زعم أنه يقال: فاظ الرجل كما قال رؤبة (¬1):
لا يَدفنُونَ مِنْهُمُ مَنْ فَاظَا ... ...................................
ولا يقال: فاظت نفسه، وعلى من قال: إنما يقال في فعل النفس بالضاد، وبعضهم يخص الضاد بلغة تميم (¬2)، واتفقوا في: فاظ الرجل أنه بالظاء، وذكر ابن دحية (¬3) في كتاب مرج البحرين وفوائد المشرقين والمغربين أن أبا محمد بن حزم (¬4) حكى أن الوزير أبا الحسن جعفر بن عثمان الصحفي (¬5) كتب إلى صاحب الشرط أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي اللغوي كتابًا فيه: فاضت نفسه بالضاد فكتب إليه معترضًا (¬6):
1 - قُلْ لِلْوَزِير السنّي محمَّده ... لِي ذمة منك أنتَ حافِظُها
2 - إنْ لَم تُحافِظْ عِصَابَة نسبت ... إليكَ قدمًا فمَنْ يُحَافِظُها
3 - لا تدَّعَنْ حَاجَتِي مطرحة ... فَكان نَفْسِي قَد فَاظَ فَائِظُها
فَأجابه:
1 - خَفضْ قَلِيلا فَأَنْتَ أَوْحَدها ... عِلْمًا وَنَقَّابُها وَحَافِظُها
2 - كَيفَ تضِيعُ العُلُوم في بَلدٍ ... أَبْنَاوُها كلُّهُم يُحَافِظُها
3 - أَلْفَاظُهم كلها مُعَطَّلَة ... مَا لَم يُعَوَّلْ عَلَيكَ لافظها
4 - وَقَد أَتَتْنِي قَدَيْت شَاغِلة ... لِلنفْسِ أَنْ قُلت فَاظَ فَائِظُها
¬__________
(¬1) ليس في ديوان رؤبة ولا في ملحقات ديوانه، وهو في الصحاح واللسان مادة: "فيظ"، وفي اللسان جاء قبله:
(والأَزد أَمسَى شِلوهم لُفاظا)
كما جاء بعده:
(لا يَدفِنُون منهم مَن فاظا ... إِن مات في مَصيفِه أَو قاظا)
(¬2) في لسان العرب مادة: "فوظ" يقول: "قال الفراء: يقال: فاضت نفسه تَفِيضُ فَيضًا وفُيوضًا وهي في تميم وكلب وأفصحُ منها وآثَرُ: فاظت نفسُه فُيوظا". وفي لسان العرب مادة: (فيض) يقول: "وأَما أَبو عبيدة فقال: فاظت نفسه بالظاء لغة فيس، وفاضت بالضاد لغة تميم، وقال أبو حاتم: سمعت أَبا زيد يقول: بنو ضبة وحدهم يقولون: فاضت نفسه وكذلك حكى المازني عن أَبي زيد قال: كل العرب تقول: فاظت نفسُه إِلا بني ضبة فإِنهم يقولون: فاضت نفسه بالضاد، وأَهل الحجاز وطيئ يقولون: فاظت نفسه، وقضاعة وتميم وقيس يقولون: فاضت نفسُه مثل فاضت دَفعَتُه وزعم أَبو عبيد أَنها لغة لبعض بني تميم يعني: فاظت نفسه وفاضت".
(¬3) هو عمر بن الحسن بن علي بن محمد (ت 633 هـ). ينظر الأعلام (5/ 44).
(¬4) هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمد (ت 456 هـ). ينظر الأعلام (4/ 254).
(¬5) هو جعفر بن عثمان بن نصر (ت 372 هـ). ينظر الأعلام (2/ 125).
(¬6) الأبيات من بحر المنسرح.

الصفحة 555