كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)

وقد رَدَّ ذلك (¬1) ابنُ معطٍ (¬2)، والبيت حجة عليه (¬3).

الشاهد السادس والتسعون بعد المائة (¬4)، (¬5)
وَرجِّ الفتَى لِلْخَيرِ مَا إنْ رَأيْتَهُ ... عَلَى السِّنِّ خَيرًا لا يَزَالُ يزيدُ
أقول: قائله هو المعلوط القريعي (¬6)، وهو من الطويل.
قوله: "ورج": أمر من رجّى يرجي ترجية، من الرجاء وهو الأمل، قوله: "على السن" أي: على طول العمر.
الإعراب:
قوله: "رج": جملة من الفعل والفاعل، وهو أنت المستكن فيه، و "الفتى": مفعوله، و "للخير": يتعلق برَجِّ، في محل النصب على أنه مفعول ثان لرَجِّ، قوله: "ما": مصدرية و "إن" زائدة زيدت بعد "ما" لشبهها في اللفظ بما النافية، والتقدير: ورَجِّ الفتى للخير مدة رؤيتك إياه لا يزال يزيد خيرًا على طول السن، وقوله: "على السن" يتعلق بقوله "خيرًا" والتقدير: خيرًا حاصلًا على السن، ويجوز أن تكون على بمعنى مع، أي: لا يزال يزيد خيرًا مع زيادة سنِّه، والألف
¬__________
(¬1) أجاز البصريون توسط خبر كان وأخواتها لكنها وبين الاسم، ومن ذلك (ما دام) ما لم يجب تقديمه على الاسم ولا تأخيره مستدلين بالسماع الوارد كثيرًا في القرآن الكريم والشعر، ومنع ذلك الكوفيون وأولوا ما ورد منه.
(¬2) قال ابن معطٍ: "وأما (ما دام) فلا يجوز تقدم خبرها عليها أو على اسمها ولا تنفصل عنها ما" الفصول الخمسون (181)، وقال في ألفيته:
ولا يجوز أن يقدم الخبر ... على اسم ما دام وجاز في الآخر
(¬3) قال ابن مالك بعد أن ذكر رأي ابن معطٍ "وليس له في ذلك متبوع بل هو مخالف للمقيس والمسموع؛ أما مخالفته للمقيس فبينه؛ لأن توسيط خبر ليس جائز بإجماع مع أن فيها ما في (دام) من عدم التصرف وتفوقها ضعفًا بأن منع تصرفها لازم ومنع تصرف (دام) عارض، ولأن (ليس) تشبه (ما) النافية معنًى وتشبه (ليت) لفظا ... فثبت بهذا زيادة ضعف ليس على ضعف دام، وتوسيط خبر ليس لم يمتنع فأن لا يمتنع توسيط خبر (دام) لنقصان ضعفها أحق وأولى"، شرح التسهيل لابن مالك (1/ 349).
(¬4) أوضح المسالك لابن هشام (2/ 246).
(¬5) البيت من بحر الطويل نسب في مراجعه للمعلوط القريعي، وفي سمط اللآلئ (1/ 434) مقطوعة على هذا الوزن والروي لهذا الشاعر لعل بيت الشاهد منها، وانظره في الكتاب (4/ 222)، وابن يعيش (8/ 130)، والمغني (1/ 25)، وشرح أبيات المغني للبغدادي (1/ 113)، والخصائص (1/ 110)، والتصريح (1/ 189)، وشرح شواهد المغني (85)، واللسان (أنن)، والخزانة (8/ 443).
(¬6) المعلوط بزنة اسم المفعول: من علط بسهم إذا أصابه، وهو المعلوط بن بدل القريعي (بالتصغير) السعدي، شاعر إسلامي له مقطوعة في سمط الآلئ (1/ 434) منها هذا البيت:
وكائن رأينا من غنى مذمم ... وصعلوك قوم مات وهو حميد

الصفحة 591