كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)
الشاهد الخامس بعد المائتين (¬1)، (¬2)
مِنْ لَدُ شَوْلًا فَإِلَى إِتْلَائِهَا ... .........................
أقول: هذا تقوله العرب فيما بينهم مثل المثل، أنشده سيبويه في كتابه (¬3).
وهو من الرجز المشطور.
قوله: "من لد" أصله: من لَدُنْ، وقد عرف أن في لدن إحدى عشر لغة: لَدُنْ [بفتح اللام] (¬4) وتثليث الدال وبالنون الساكنة، ولدن بضم اللام وفتحها وسكون الدال وكسر النون، ولَدَى بفتحتين مقصور، ولدْ بتثليث اللام وسكون الدال، [ولَدْنا بفتح اللام وسكون الدال بعدها وبالنون بعدها الألف] (¬5)، ولَدْ بفتح اللام وضم الدال كما في البيت المذكور.
قوله: "شولًا " الشول بفتح الشين المعجمة، وسكون الواو، وفي آخره لام ومادته تدل على الارتفاع، واختلف في المراد به [هنا] (¬6)، فقيل: مصدر شالت الناقة بِذَنبِهَا أي: رفعته للضراب، فهي شائل بغيرها، والجمع: شُوّل مثل: رَاكِعٌ رُكَّع، والتقدير: من لدن شالت شولًا؛ فالبيت من حذف عامل المصدر. وقيل: اسم جمع شائلة على غير القياس (¬7)، وهي الناقة التي جف لبنُهَا، وارتفع ضرعُهَا وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية، والتقدير: من لدن كانت شولًا.
فالبيت من حذف كان واسمها وبقاء خبرها، وقد يرجح الأول، فإنه (¬8) يروى: من لدُ شولٍ بالخفض، ويجاب بأن التقدير: من لد شولان شول، أو زمان شول، أو كون شول؛ فحذف المضاف، والتقدير الأخير أولى، ليتحد المعنى في الروايتين، ولكن يحتاج على هذا التقدير إلى الخبر، أي: موجودًا.
فإن قدر الكون مصدر كان التامة لم يحتج إلى ذلك؛ ولكن لا يقع التوفيق بين الروايتين في التقدير (¬9)، وقد يرجح الثاني برواية الجرمي: من لدُ شولا بغير التنوين؛ على أن أصله: شولاء بالمد فقصره للضرورة (¬10)، ولكن هذه الرواية تقتضي أن المحدث عنه ناقة واحدة لا نوق.
¬__________
(¬1) ابن الناظم (55)، وتوضيح المقاصد للمرادي (1/ 309)، وأوضح المسالك لابن هشام (1/ 263)، وشرح ابن عقيل على الألفية (1/ 295).
(¬2) البيت من بحر الرجز المشطور، غير معلوم قائله، وهو في الأشباه والنظائر (2/ 361)، وتخليص الشواهد (260)، والخزانة (4/ 24)، والدرر (872)، وسر صناعة الإعراب (546)، وابن يعيش (4/ 101)، والمغني (422).
(¬3) الكتاب لسيبويه (1/ 264).
(¬4) و (¬5) و (¬6) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬7) ينظر اللسان مادة: (شول).
(¬8) في (أ): بأنه.
(¬9) اللسان مادة: (شول)، وشرح أبيات المغني للبغدادي (288)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (837).
(¬10) أجمع الصرفيون على جواز قصر الممدود للضرورة. ينظر: المنقوص والممدود للفراء (28)، وأوضح المسالك =