كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)

"ما" للمدة، والمْعنَى: مدة إدامة الله لقومي.
قوله: "بحمد الله": يتعلق بمحذوف، أي: أحمد على ذلك بحمد الله، ويجوز أن يتعلق بأبرح.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وأبرح" حيث حذف منه كلمة "لا"، فإن "لا" لا تحذف في برح إلا بعد القسم، وهاهنا ليس كذلك، وإنما حذف شذوذًا (¬1).
وقال ابن عصفور: هذا البيت فيه خلاف بين النحويين، فمنهم من قال: إن أداة النفي مرادة، فكأنه قال: ولا أبرح ما أدام الله قومي منتطقًا مجيدًا، [ومنهم من قال: إن أبرح غير منفي لا في اللفظ ولا في التقدير، والمعنى عنده: أزول بحمد الله عن أن أكون منتطقًا مجيدًا] (¬2)، أي: صاحب نطاق وجواد ما أدام الله قومي؛ لأنهم يكفونني (¬3)، فعلى هذا لا استشهاد فيه.

الشاهد العاشر بعد المائتين (¬4)، (¬5)
قَدْ قِيلَ مَا قِيلَ إِنْ صِدْقًا وَإنْ كَذِبًا ... فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ قَوْلٍ إِذَا قِيلا
أقول: قائله هو النعمان بن المنذر بن ماء السماء (¬6)، وكنيته: أبو قابوس، وهو الذي تنصر وملك أرض الحيرة اثنتين وعشرين سنة، وقتله كسرى أبروين، وكانت أم المنذر يقال لها: ماء السماء لحسنها، واشتهر المنذر بأمه فقيل: ابن ماء السماء، واسمها: مارية بنت غوث بن جشم.
¬__________
(¬1) اشترط النحاة لعمل ما زال وأخواتها عمل كان: سبقها بنفي أو شبهه موجودًا كان أو مقدرًا، ولا يحذف حرف النفي إلا بعد القسم، فإن ورد الحذف بدون القسم كان شاذًا.
(¬2) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬3) قال ابن عصفور في المقرب: "وقد استعملت: برح ناقصة بغير أداة لا في اللفظ ولا في التقدير، وذلك قليل جدًّا، ثم أنشد بيت الشاهد، شرح المقرب (1/ 916)، وذكر في شرح الجمل أن برح الغالب عليها أن تستعمل بمعنى لا يزال، وقد تستعمل بغير أداة نفي لا ملفوظة ولا مقدرة، وذلك قليل جدًّا. شرح الجمل (1/ 372) وهما الوجهان اللذان ذكرهما العيني (ناقصة وتامة).
(¬4) شرح ابن عقيل على الألفية (1/ 294).
(¬5) البيت من مقطوعة من بحر البسيط، قائلها أبو قابوس لنعمان بن المنذر صاحب النابغة الذبياني وصاحب اعتذارياته، وانظر المقطوعة وبيت الشاهد في الكتاب (1/ 260)، وابن يعيش (2/ 97)، والمغني (1/ 61)، والأغاني (15/ 295)، الخزانة (4/ 10)، والدرر (2/ 82)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 352)، شرح شواهد المغني للسيوطي (188).
(¬6) في المعجم المفصل (665).

الصفحة 619