كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)

والمرء قد يرجو الرجاء ... مؤملًا والموت دونه (¬1)
وهو من الكامل [وفيه] (¬2) الإضمار والترفيل، وهو قوله: حتى تكونه مستفعلات.
المعنى: لا تزال تسمع مات فلان وفلان حتى تكون أنت الميت.
الإعراب:
قوله: "تنفك": فعل من الأفعال الناقصة، وقد قلنا إنه لا يعمل إلا إذا تقدمه النفي، وقد حذف النفي هاهنا، والمعنى: لا تنفك، واسمه مستتر فيه، وخبره قوله: "تسمع"، قوله: "ما حييت": كلمة "ما" للتوقيت ومعناه: تسمع مدة حياتك، قوله: "بهالك" يتعلق بقوله: "تسمع" وأراد بالهالك الميت، قوله: "حتى تكونه": أي: حتى تكون إياه، أي: الهالك، واختار الاتصال على الانفصال، وتكون منصوب؛ لأنه وقع بعد حتى، والتقدير: حتى أن تكونه.
قوله: "والمرء": مبتدأ، وخبره قوله: "قد يرجو" وقوله: "الرجا": مفعول مطلق، قوله: "مؤملًا" يجوز أن يكون على صيغة اسم الفاعل، وأن يكون على صيغة اسم المفعول، فعلى الأول يكون حالًا من المرء، وعلى الثاني يكون مفعولًا لقوله: "يرجو". قوله: "والموت": مبتدأ وقوله: "دونه": خبره، والجملة وقعت حالًا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تنفك" حيث حذف النافي (¬3) فيه؛ إذ أصله: لا تنفك (¬4).

الشاهد الثالث عشر بعد المائتين (¬5)، (¬6)
سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمُ ... فَلَيْسَ سَوَاءَ عَالِمٌ وَجَهُولُ
أقول: قائله هو السموأل بن عادياء الغساني اليهودي، ويقال: قائله هو اللجلاج الحارثي،
¬__________
(¬1) ينظر البيتين في شرح الألفية، لابن الناظم (130)، دار الجيل.
(¬2) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬3) في (ب): لا النافية.
(¬4) من أخوات كان: زال وبرح وفتئ وانفك، وتعمل هذه الأفعال بشرط أن يتقدمها نفي لفظًا كما في الشاهد السابق أو تقديرًا كما في قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] والأصل: لا تفتأ وكما في البيت المذكور، ولا يحذف النافي معها إلا بعد القسم كالآية الكريمة، وقد يشذ الحذف بدون القسم في الشعر كقول الشاعر:
وأبرح ما أدام الله قومي ... بحمد الله منتطقًا مجيدَا
(¬5) ابن الناظم (52)، لا يوجد في توضيح المقاصد للمرادي، وإنما هو في شرح ابن عقيل (1/ 273).
(¬6) البيت من بحر الطويل، وهو من قصيدة طويلة للسموأل بن عاديًّا اليهودي في الفخر بالشجاعة والموت، وهي في =

الصفحة 625