كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)
الذكر؛ لأن الفاعل وان كان مؤخرًا في اللفظ فهو مقدم في الرتبة، قوله: "على قدر": يتعلق بقوله أتى، وعلى بمعنى الباء؛ أي: أتى بقدر، وذلك كما في قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إلا الْحَقَّ} [الأعراف: 105].
الاستشهاد فيه:
على توسط المفعول بين الفعل والفاعل جوازًا؛ كما في قوله: "كما أتى ربه موسى" فإن ربه مفعوله، و "موسى" [- عليه السلام -] (¬1) فاعل، وأتى فعله؛ كما ذكرنا (¬2).
الشاهد التاسع والتسعون بعد الثلاثمائة (¬3)، (¬4)
جَزَى رَبه عني عَدِيّ بنَ حَاتِمِ ... جزَاءَ الكِلَابِ العَاويَاتِ وقَد فَعَلْ
أقول: قد قيل: إن قائله هو النابغة الذبياني، وقال أبو عبيدة: قائله هو عبد الله بن همارق أحد بني عبد الله بن غطفان، وحكى الأعلم أنه لأبي الأسود الدؤلي يهجو عدي بن حاتم الطائي، وقد قيل: إن قائله لم يعلم حتى قال ابن كيسان: أحسبه مولدًا مصنوعًا (¬5)، وفي صدره خلاف فوقع في رواية القياسي (¬6):
جزى اللَّه عبسًا والجزاء بكفه ... ............................
ووقع في رواية أبي عبيدة (¬7):
جَزَى الله عبسًا عَبسَ آل بغيضٍ ... ...............................
وكان بنو عبس قد حالفوا ربيعة بن شكل بن كعب بن الجريس بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة إلى أن قال النابغة أو عبد الله بن همارق هذا البيت وبيتين آخرين بعده، وهما:
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬2) أجاز النحاة بالإجماع عود الضمير من المفعول على الفاعل المتأخر؛ كقول العرب: خاف ربه عمر، ومنه بيت الشاهد، وإنما جاز ذلك لأن الفاعل رتبته التقديم، وكأن الضمير قد عاد على متقدم في الرتبة وإن كان متأخرا في اللفظ.
(¬3) أوضح المسالك (2/ 125)، وشرح ابن عقيل (2/ 108).
(¬4) البيت من بحر الطويل وهو في الهجاء، وقد اختلف في قائله على ما ترى في الشرح، فقد نسب للنابغة الذبياني، ولأبي الأسود الدؤلي يهجو عدي بن حاتم، ولغيرهما، وانظره في الخصائص لابن جني (1/ 295)، والتصريح (1/ 283)، والخزانة (1/ 277)، والهمع (1/ 66)، والدور (1/ 44) وشذور الذهب (178).
(¬5) ينظر الخزانة (1/ 281).
(¬6) محمد بن الحسن بن علي الطوسي: مفسر، أحرقت كتبه عدة مرات (ت 460 هـ)، ينظر الأعلام (3/ 233).
(¬7) ينظر الخزانة (1/ 281).