كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)
الاستشهاد فيه:
أن الكسائي احتج به على أن توسط المفعول وتأخير الفاعل لا يجب إذا كان الفاعل محصورًا بإلا، فإن المفعول في قوله: "وهل يعذب إلا الله" يجوز أن يقدر قبل الفاعل وبعده. فافهم (¬1).
الشاهد الثاني بعد الأربعمائة (¬2)، (¬3)
فَلَم يَدْرِ إِلا اللهُ مَا هَيَّجَتْ لَنَا ... عَشِيةَ آنَاءُ الدِّيَارِ وشَامُهَا
أقول: لم أجد أحدًا ممن احتج به من أئمة النحو عزاه إلى قائله.
وهو من الطويل.
قوله: "ما هيجت" أي: ما أثارت، يقال: هيجت وهايجت كلاهما يتعديان، قوله: "آناء الديار" الآناء -بفتح الهمزة والنون: جمع نأي وهو البعد [وهو] (¬4) مما جمع فيه فعْل الصحيح العين على أفعال؛ كزند وأزناد، وفرخ وأفراخ، قوله: "وشامها" بكسر الواو وبالشين المعجمة، وهو جمع وشم؛ من وشم اليد وشمًا إذا غرزها بإبرة ثم ذر عليها النؤر وهو النيلج، وفي الحديث (¬5) "لعن الله الواشمة" والضمير يرجع إلى محبوبته التي يتشبب بها.
الإعراب:
قوله: "فلم يدر إلا الله" أي: غير الله، ولفظة الله مرفوعة (¬6) بلم يدر، وقوله: "ما هيجت": جملة في محل النصب على المفعولية، وكلمة ما موصولة، وهيجت صلتها، والعائد محذوف
¬__________
(¬1) ينظر الشاهد (400).
(¬2) أوضح المسالك (2/ 131)، وشرح ابن عقيل (2/ 101).
(¬3) البيت من بحر الطويل، وهو ثاني أبيات من قصيدة لذي الرمة في الغزل، ومطلعها قوله:
مررنا على دار لمية مرة ... وجاراتها قد كان يعفو مقامها
انظر ديوان ذي الرمة بتحقيق د. عبد القدوس أبو صالح (999)، وانظر بيت الشاهد في الدرر (2/ 289)، وتخليص الشواهد (487)، والمقرب (1/ 55)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 161).
(¬4) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬5) الحديث في سنن النسائي برقم (3363) برواية عَبدِ اللهِ قَال: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاشِمَةَ وَالْمُوتَشِمَةَ وَالْوَاصِلَةَ وَالموْصُولَةَ وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالمُحَلِّلَ وَالمحُلَّلَ لَهُ"، وهو مروي عن عائشة أيضًا برقم (5012) - وهي تقول: "نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْوَاشِمَةِ وَالْمستَوشِمَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالمستوْصِلَةِ وَالنَّامِصَةِ وَالْمتُنَمصَةِ". وأخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) كتاب اللباس، باب الموصولة (10/ 462) عن ابن عمر بلفظه.
(¬6) في (أ) ولفظة الجلالة: مرفوع.