كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)

قوله: "مجدًا": اسمه، و "أخلد الدهر واحدًا": خبره؛ فقوله: "أخلد": فعل وفيه ضمير يرجع إلى المجد وهو فاعله، وقوله: "الدهر": نصب على الظرف، وقوله: "واحدًا": مفعول لأخلد، قوله: "من الناس": متعلق بمحذوف وهو صفة لواحد، والتقدير: واحدًا كائنًا من الناس، قوله: "أبقى مجده": جواب لو، وأبقى من الإبقاء، ومجده فاعله، والضمير يرجع إلى مطعم، وإن لم يتقدم لأجل الضرورة، قوله: "مطعمًا" منصوب لأنه مفعول أبقى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أبقى مجده" حيث أعاد الضمير إلى مطعم وهو متأخر، وذلك لأجل الضرورة كما قلنا، وقد أجاز نحو ذلك من غير ضرورة الأخفش وابن جني وأبو عبد الله الطوال (¬1)؛ لأن استلزام الفعل المفعول يقوم مقام تقدمه فأجازوا نحو: ضرب غلامه زيد، ومنعه الجمهور لعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة (¬2).

الشاهد الخامس بعد الأربعمائة (¬3)، (¬4)
كسَا حِلْمُهُ ذَا الحِلْمِ أَثْوَابَ سُؤْدُدٍ ... وَرَقَّى نَدَاهُ ذَا النَّدَى في ذُرَا المَجْدِ
أقول: هو من الطويل.
والمعنى: كسا حلم الممدوح صاحب الحلم ثياب السيادة وأعلى عطاؤه صاحب العطاء في أعلى مراتب المجد والكرم.
قوله: "سؤدد" بضم السين المهملة بمعنى السيادة، قوله: "رقى" بتشديد القاف؛ من الرقي وهو الصعود والارتفاع، قوله: "نداه" بفتح النون؛ أي: عطاؤه، يقال: رجل ند؛ أي: سخي، وفلان يتندى على أصحابه؛ أي: يتسخى، قوله: "في ذرا المجد" بضم الذال المعجمة؛ جمع ذروة (¬5) بكسر الذال، وذروة كل شيء: أعلاه، ومنه ذروة السنام.
¬__________
(¬1) محمد بن أحمد بن عبد الله الطوال النحوي من أهل الكوفة أحد أصحاب الكسائي، حدث عن الأصمعي وقدم بغداد وسمع منه أبو عمرو الدوري المقرئ. قال ثعلب: وكان حاذقًا بإلقاء العربية (ت 243 هـ) ينظر بغية الوعاة (1/ 50)، ونشأة النحو (94).
(¬2) ينظر الشاهد (399)، والشاهد رقم (303).
(¬3) ابن الناظم (88)، وشرح ابن عقيل (2/ 107).
(¬4) البيت من بحر الطويل، مجهول القائل، وهو في شرح الأشموني (2/ 59)، وشرح شواهد المغني (2/ 875)، وتخليص الشواهد (490)، والدرر (1/ 218)، والمغني (492)، والهمع (1/ 66)، وشرح التسهيل لابن مالك (1/ 161)، (2/ 135).
(¬5) قوله: "ذروة" بكسر الذال غير كاف؛ ففيه الكسر والضم، القاموس مادة: "ذرو".

الصفحة 958