كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)
الإعراب:
قوله: "فيا لك" الفاء للعطف، وكلمة يا هاهنا ليست للنداء وإنما هي لمجرد التنبيه، واللام في "لك" للاستغاثة، وقوله: "من ذي حاجة": يتعلق بمحذوف، وقوله: "حيل دونها" أي: دون الحاجة، والنائب عن الفاعل في "حيل" محذوف وهو ضمير المصدر، والتقدير: حيل هو؛ أي: الحول؛ كما في قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} [سبأ: 54]؛ أي: هو؛ أي: الحول، و "دون": نصب على الظرف، قوله: "وما" بمعنى ليس.
وقوله: "كل ما يهوى": كلام إضافي وقع اسمًا لما، والجملة -أعني قوله: "هو نائله": خبرها، و "ما": موصولة، و "يهوى امرؤ": فعل وفاعل صلتها، والعائد محذوف تقديره: ما يهواه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حيل" فإن النائب "عن" (¬1) الفاعل فيه هو ضمير المصدر كما قررناه الآن (¬2).
الشاهد الحادي عشر بعد الأربعمائة (¬3)، (¬4)
يُغْضي حَيَاءً وَيُغْضَى مِنْ مَهَابَتِهِ ... فَلَا يُكلَّمُ إِلَّا حِينَ يَبتَسِمُ
أقول: قائله هو الفرزدق همام بن غالب، وهو من قصيدة طويلة من البسيط يمدح بها الفرزدق زينَ العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهم-، وأولها هو قوله (¬5):
1 - هَذَا الذِي تَعْرِفُ البطْحَاءُ وَطْأتهُ ... والبَيتُ يَعْرِفُهُ والحِلُّ وَالحَرَمُ
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬2) الشاهد هو: "حيل دونها" حيث قيل: إن دون هنا نائب فاعل وقد خرجت عن الظرفية، وقيل: إن نائب فاعل حيل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. يعود إلى مصدر مبهم هو مصدر هذا الفعل، وكأنه قد قيل: حيل حول، مع أن هذا المصدر غير مختص، وقال الجمهور: إن نائب فاعل حيل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود التي مصدر مقترن بأل العهدية، وكأنه قد قيل: حيل الحول المعهود، أو يعود التي مصدر موصوف بدون؛ وكأنه قد قيل: حيل حول واقع دونها، وينظر الشاهد (409).
(¬3) توضيح المقاصد (2/ 30)، وأوضح المسالك (2/ 146).
(¬4) البيت من بحر البسيط، من قصيدة طويلة للفرزدق، يمدح بها عليًّا زين العابدين بن الحسين، وقد ذكر الشارح مناسبتها، وانظر الشاهد في الديوان (2/ 178)، دار صادر، والمغني (320)، وشرح شواهد المغني (732)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (1622)، والبيت نسب للحزين الكناني (عمرو بن وهيب) في الأغاني (15/ 263)، واللسان: "حزن"، وانظره في ابن يعيش (2/ 53)، والارتشاف (2/ 193)، وشرح التصريح (1/ 290).
(¬5) ديوان الفرزدق (511)، و (2/ 178)، ط. دار صادر، والأبيات فيه غير مرتبة.