كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)

الشاهد التاسع عشر بعد الأربعمائة (¬1)، (¬2)
لا تَجْزَعِي إن مُنْفِسًا أَهْلَكْتُهُ ... فَإذَا هَلَكتُ فَعِنْدَ ذَلكَ فَاجْزَعِي
أقول: قائله هو النمر بن تولب العكلي (¬3).
وهو من قصيدة من الكامل وأولها هو قوله:
1 - قَالتْ لِتعذِلني منَ الليلِ اسمَعِ ... سفها تَبَيتُك المَلامَةُ فاهْجعي
2 - لَا تعجَلِي لِغَدٍ فَأَمْرُ غَدٍ لَهُ ... أتَعْجَلِينَ الشَّرَّ مَا لَم تُمْنَعِي
3 - قَامَتْ تُبْكي أَنْ سَبَأت لفتْيَةٍ ... زِقًّا وَخَابيَةً بعَوْدٍ مُقْطّعِ
4 - لا تجزعي ................. ... .................... إلى آخره
5 - وإذا أتاني إخْوَتِي فَذَريهمُ ... يَتعلَّلُوا في العَيشِ أَوْ يَلْهُوا مَعِي
6 - لَا تَطْرُديهِم عَنْ فِرَاشِي إنَّهُم ... لَا بُدَّ يَوْمًا أَنْ سَيخْلُو مَضْجَعِي
قوله: "أن سبأت" بفتح السين المهملة والباء الموحدة وسكون الهمزة، يقال: سبأت الخمر سبأ إذا اشتريتها لتشربها، واستبأتها مثله، ولا يقال ذلك إلا في الخمر خاصة، و: "الفتية" بكسر الفاء جمع فتى، و"فذريهم" أي اتركيهم ولا تتعرضي لهم.
قوله: "يتعلَّلوا" أي يتهلَّلوا يقال فلان يعلل نفسه بفعله، وتعلل به أي تلهى، قوله "منفسًا" بضم الميم وسكون النون وكسر الفاء وهو المال النفيس، قال ابن فارس: يقال مال منفس ونفيس
¬__________
= مسبوق بجملة فعلية كقولك: قام زيد وعمرًا أكرمته، وذلك لأنك إذا رفعت كانت الجملة اسمية فيلزم عطف الاسمية على الفعلية وهما متخالفان، وإذا نصبت كانت الجملة فعلية والتقدير: وأكرمت عمرًا أكرمته، فتكون قد عطف فعلية على فعلية وهما متناسبان والتناسب في العطف أولى من التخالف ولذلك رجح النصب. قال تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالْأَنْعَامَ} [النحل: 4، 5] أجمعوا على نصب (الأنعام) لأنها مسبوقة بالجملة الفعلية وهي: (خلق الإنسان). ومنها: أن يتقدم على الاسم أداة الغالب فيها أن تدخل على الأفعال كقولك: أزيدًا ضربته؟ وما زيدًا رأيته. قال تعالى: {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} [القمر: 24]، ينظر شرح التسهيل لابن مالك (2/ 140) وما بعدها، وشرح قطر الندى لابن هشام (193، 194)، وشرح الأشموني (2/ 76، 77).
(¬1) ابن الناظم (92)، وشرح ابن عقيل (2/ 133).
(¬2) البيت من بحر الكامل، من قصيدة للنمر بت تولب العكلي الذي أسلم في آخر حياته، ووفد على النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان جوادًا واسع العطاء، وكريمًا بماله على أصحابه وضيوفه، والبيت والقصيدة في هذا المعنى، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 134)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 160)، ومعاني الحروف للرماني (46)، والمقتضب (2/ 76)، والجنى الداني (73)، والمغني (166 - 403).
(¬3) ينظر الأبيات في خزانة الأدب للبغدادي (1/ 317).

الصفحة 984