كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 2)
البيت الذي قبله، قوله: "فتبدي" جملة أخرى مثلها عطف عليها، ورواه أبو علي في العسكريات بالواو.
قوله: "مما بها" في محل النصب على أنه مفعول فتبدي، و "ما" موصولة، وصدر صلتها محذوف تقديره: الذي هو بها، وكلمة من في صبابة للبيان، قوله: "وأخفي "جملة من الفعل والفاعل وهو أنا المستتر فيه عطف على ما قبله.
قوله: "الذي" مع صلته في محل النصب على أنه مفعول أخفي، قوله: "لولا" لربط امتناع الثانية بوجود الأولى، وقوله: "لقضاني" جواب لولا أي لولا الأسى موجودة لقضى عليّ الموت، وفاعل قضى محذوف.
الاستشهاد فيه:
حيث حذف منه حرف الجر وجعل مجروره مفعولًا، وقد حمل الأخفش على ذلك قوله تعالى: {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] أي على سر أي نكاح، وكذلك: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16] (¬1)، وبهذا استدل الجمهور على أن على تكون حرفًا خلافًا لقوم ذهبوا إلى أنها لا تكون إلا اسمًا (¬2).
وقد يقال: إن قوله: "لقضاني" قد يكون مضمنًا معنى قتل أو أهلك فيتعدى حينئذ بنفسه، ولا يكون على إسقاط على فلا يكون فيه استشهاد. فافهم.
الشاهد الخامس والعشرون بعد الأربعمائة (¬3)، (¬4)
وَمَا زُرْتُ لَيْلَى أَنْ تَكُونَ حَبِيبَةً ... إلَيَّ وَلَا دَيْنٍ بِهَا أَنا طَالِبُهْ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من قصيدة من الطويل يمدح بها المطلب بن عبد الله المخزومي،
¬__________
(¬1) قال ابن هشام بعد أن ذكر البيت: "أي لقضي علي فحذف علي وجعل مجرورها مفعولًا، وقد حمل الأخفش على ذلك: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] أي على سر، أي نكاح، وكذلك: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16] أي على صراطك، ينظر المغني (142، 577) وقال ابن مالك في شرح التسهيل لابن مالك (2/ 148)، "وأجاز على بن سليمان الأخفش أن يحكم باطراد حذف حرف الجر والنصب فيما لبس فيه كقول الشاعر: "وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني".
(¬2) قال الزجاجي: "على لها ثلاثة مواضع تكون اسمًا وفعلًا وحرفًا ..... والحرف قولك: على زيد مالٍ". معاني الحرف للزجاجي (23) وقال الرماني في حديثه عن: "على" وإذا كانت حرفًا كانت من الحروف العوامل وعملها الجر". معاني الحروف للرماني (108)، وقال ابن هشام: "على على وجهين: أحدهما أن تكون حرفًا وخالف في ذلك جماعة فزعموا أنها لا تكون إلا اسمًا ونسبوه لسيبويه"، المغني (152).
(¬3) ابن الناظم (97).
(¬4) البيت من بحر الطويل، من قصيدة للفرزدق في مدح عبد الملك بن عبد الله المخزومي، انظر الديوان (1/ 84) =