كتاب نفح العبير (اسم الجزء: 2)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد،
فإن للعلم وأهله مراتب عالية ومنازل سامية، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9]، وقال - عز وجل -: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وقال - عليه السلام -: «من يرد الله به خيًرا يفقهه في الدين» متفق عليه، وقال: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» رواه مسلم، فكان حريًّا على كل مسلم ومسلمة أن يطلب هذا العلم رغبة فيما عند الله وتعلمًا لدينه وأن يبالغ في ذلك.
هذا وإن للعلم آدابًا وأخلاقًا يتخلق بها حملته، ويتحلى بها أهله، فكيف وهم قادة أهل الإيمان، وهداة أهل الإسلام، وهم المقتدى بهم عند الخلق ومن أعظم آداب العلم الإخلاص لله والتقوى في طلبه وأن يكون المرء حسن النية في تحصيله غير متكبر ولا معجب بنفسه، متواضعًا، معوانًا على الخير والدلالة عليه، محسناً إلى الخلق بالقول والفعل وبذل الجاه والمال إن تيسر، معلمًا للناس بقوله وفعله رجاعًا إلى الحق طالبًا له غير معرج على ما سواه، محافظًا على حقوق الإخوان والأقارب والجيران وعامة المسلمين ورعًا فيما

الصفحة 5