كتاب نفح العبير (اسم الجزء: 3)

3 - ومن العلماء من قال: إن الأعمال الصالحة تكفر الصغائر دون الكبائر وهذا الذي اختاره ابن رجب والنووي وابن عطية وحكاه عن الحذاق؛ بل حكاه القاضي عن أهل السنة، وكذلك ابن الملقّن قال: هو مذهب أهل السنة (¬1)، واختاره وهو ظاهر كلام ابن القيم كما في «طريق الهجرتين» عند كلامه على الطبقة التاسعة.
4 - ومنهم من قال: إن الأعمال الصالحة لا تعمل في الصغائر أصلًا إلا باجتناب الكبائر، وهذا الذي حكاه ابن عطية عن جمهور أهل السنة (¬2)، وحكاه ابن رجب عن أبي بكر عبد العزيز واستغربه واختاره شيخنا ابن باز - رحمه الله - (¬3)، وتقدم النقل عنه قريبًا.
5 - ومنهم من خصّ التكفير للأعمال الصالحة بانتفاء الكبائر في اليوم لا مطلق وجود الكبائر.
6 - راجح - والعلم عند الله - القول الثالث، والقول الثاني، حيث لا منافاة.
فائدة مهمة:
قال شيخ الإسلام في «منهاج السنة النبوية» (6/ 216): (العمل الذي يمحو الله به الخطايا ويكفر به السيئات هو العمل المقبول، والله تعالى إنما يتقبل من المتقين، والناس لهم في هذه الآية وهي قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، ثلاثة أقوال: طرفان ووسط، فالخوارج يقولون: لا يتقبل الله إلا ممن اتقى الكبائر، وعندهم صاحب الكبيرة لا يقبل منه حسنة بحال، والمرجئة يقولون: من اتقى
¬_________
(¬1) انظر: «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» له (1/ 358).
(¬2) انظره عند تفسير سورة هود {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114].
(¬3) وهو مستفاد من دروسه وما كتبت عنه من تعليقات.

الصفحة 32