كتاب نفح العبير (اسم الجزء: 4)

وروى البيهقي أيضًا من طريق الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن حفص بن غياث عن ابن عمر كان إذا صلى تحول من مقامه الذي صلى فيه. وقد روي عن ابن عمر خلافه؛ فقد روى البيهقي من طريق ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله ابن عمر كان يصلي سبحته في مقامه الذي صلى فيه. وكذلك رواه شعبة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال البيهقي: وكأن يفصل بينهما بكلام أو انحراف أو فعل ما يجوز فعله. وطريق شعبة ذكره البخاري في صحيحه تحت باب: مكث الإمام في مصلاه بعد السلام قال لنا آدم حدثنا شعبة فذكره.
قال حرب (¬1): حدثنا محمد بن آدم ثنا أبو المليح الرقي عن حبيب قال: كان ابن عمر يكره أن يصلي النافلة في المكان الذي صلى فيه المكتوبة، حتى يتقدم أو يتأخر أو يتكلم. وروى الشافعي عن ابن عتيبة عن عمرو بن عطاء عن ابن عباس أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم.
قال ابن رجب: وقد اختلف العلماء في تطوع الإمام في مكان صلاته بعد الصلاة، فأما قبلها فيجوز بالاتفاق، قاله بعض أصحابنا فكرهت طائفة تطوعه في مكانه بعد صلاته، وبه قال الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك وأحمد وإسحاق، وروى عن علي أنه كرهه، وقال النخعي: كانوا يكرهونه، ورخص فيه ابن عقيل من أصحابنا، كما رجَّحه البخاري ونقله عن ابن عمر والقاسم بن محمد، فأما المروي عن ابن عمر فإنه لم يفعله وهو إمام بل كان مأمومًا، كذلك قال
¬_________
(¬1) بواسطة «فتح الباري» لابن رجب (5/ 264).

الصفحة 51