كتاب معيد النعم ومبيد النقم

عرض له مرض شديد، فأتاه أعْيَن الطبيب، فسأله عن سبب علته، فقال: أكلت من لحوم هذه الجوازل، فطسِئت طَسْأة، فأصابني وجع بين الوابلة إلى دَأية العنق، فما زالَ يتمأى ويَتَنَمَّى، حتى خالط الخِلْب، وتألَّمت له الشَّراسيف. فقال له أعيَن الطبيب: خذ شرفقًا وشبرقًا؛ فزهزِقهُ؛ ودقدقه. فقال أبو علقمة: أَعِد لي؛ فإنِّي ما فهمت. فقال الطبيب: قبح اللَّه تعالى أقلّنا إفهامًا لصاحبه. الجوازل: فِراخ الحمام، الواحد جَوْزل، والطسأة: الهَيْضة، والوابلة: طرف الكتِف، وهو رأس العضُد. ودَأْية العنق: فِقارها، ويتمأى: يتمدَّد، ويتنمَّى: يتزايد، والخِلْب بالكسر: حجاب القلب، ويُقال: مضغة فوق الكبد. والشراسيف: غضاريف متصلة بالأضلاع. وحكى ابن دريد أنَّ الأصمعيّ ذكر أنً رجلًا مشجوجًا جاء الى صاحب الشرطة فشكا إليه أنَّ امرأً شجَّه. فأمر بإحضاره فلمَّا حضر سئل، فأنكر. . قال المشجوج: لي أعرابي بالسوق يشهد لي. فلمَّا حضر الأعرابيّ سئل، فقال: بينا أنا على كَوْدن يضُهززني، إذ مررت بوصيد دار، فإذا أنا بهذا الأخيْشب، يدُعُّ هذا دعًّا متراسِفًا، فعلاه بمنسأته، فقهقر ثم بَدَرَه بمثلها فقطر، ثم أدبر، وبرأسه جديع يثُج نجيعًا على كتده. فقال صاحب الشرطة: شُجَّني وأعفني من سماع شهادة هذا الأعرابي قوله: الكَوْدن: البرذون. يُضهززني: يحرّكني. الوَصِيد: الباب. الدَعُّ: الدفع المِنْسأة: العصا الأخيشب: تصغير الأخشب، وهو الغليظ. قهقر: رجع القهقرى. قطره: ألقاه على أحد قُطْريه، وهما جانباه. الثجّ الصب. النجيع: الدم. الكَتِد: ما بين الكاهِل إلى الظهر، وهو بُعَيد مغرز العنق.
وذكر الزبير بن بكَّار أن بعضن المتقعّرين كتب إلى وكيل له بناحية البصرة: احمل إلينا من الخوزج والكَنْعد الممقورين والأوزّ المَمْهُوج ولحم مها البيد ما يصلح للتشرير والقديد. فكتب إليه وكيله: إن لم تكفَّ عن هذا الكلام بارت قريتك؛ فإنَّ الفَلَّاحين ينسبون من ينطق بهذه الألفاظ إلى الجنون.
الكنعد: ضرب من سمك البحر، والشرارة: اليبس. وحكي أنَّ لصًا أرادَ فتح باب نحويّ، فأحسَّت به الجارية، فقالت لسيدها، فاطَّلع عليه، وناداه: أيُّها الطارق، ما الذي أولعك بنا؟! إن أردت المال فعليك بابن الجصاص،

الصفحة 74