181 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم، أبو المفضّل بْن زَنْبَقَة الواسطيّ، المُعَدَّل. [المتوفى: 555 هـ]
وُلِدَ سنة خمسٍ وسبعين وأربع مائة، وعُدِّل سنة خمس مائة، وسمع أباه أَبَا تمّام، وأبا الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن السوادي، وأبا غالب محمد بن أحمد. وسمع " الْبُخَارِيّ " ببغداد من نور الهدى أبي طَالِب.
روى عَنْهُ أبو يَعْلَى مُحَمَّد بْن علي ابن القارئ، وأبو طَالِب بْن عَبْد السّميع، وغيرهما.
وتُوُفيّ فِي ذي الحجَّة.
182 - مُحَمَّد بْن بركة بن الكسا. [المتوفى: 555 هـ]
شيخ صالح سُنّيّ، سمع أَبَا غالب الباقِلانيّ، وأبا الْحُسَيْن ابن الطُّيُوريّ. وعنه ابن الأخضر.
183 - مُحَمَّد بْن يحيى بْن عليّ بْن مُسْلِم بْن مُوسَى بْن عِمْرَانَ، الْقُرَشِيّ، اليمنيّ، الزَّبِيديّ، الواعظ، أبو عَبْد اللَّه. [المتوفى: 555 هـ]
وُلِدَ فِي المُحَرَّم سنة ستين وأربع مائة، وقَدِم دِمَشْق فِي حدود سنة ستٍّ وخمس مائة فوعظ وأخذ يأمر بالمعروف ويَنْهَى عن المُنْكَر، فلم يحتمل طُغْتِكِين أتابَك له ذلك، وأخرجه عن دمشق، فذهب إلى العراق، ودخلها سنة تسع وخمس مائة، ووعظ. وكان له معرفة بالنَّحْو والأدب. وكان صَبُورًا على الفقر، متعفَّفًا. ثُمَّ قَدِمَ دمشق رسولًا من المسترشد بالله فِي أمر الباطنية وعاد. -[103]-
وكان حنفي المذهب، على طريقة السلف في الأصول.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: حدثني الوزير ابن هبيرة، قال: جلستُ مع الزَّبِيديّ من بكرة إلى قريب الظُّهْر، وهو يلوك شيئًا فِي فِيه، فسألته، فقال: لم يكن لي شيء، فأخذت نَواةً أتعلّل بها! قال ابن الْجَوْزِيّ: وكان يقول الحقّ وإن كان مرًّا، ولا تأخذه فِي اللَّه لومةُ لائم. ولقد حُكي أنّه دخل على الوزير الزَّيْنَبيّ وقد خُلِعَتْ عليه خلع الوزارة، والناس يهنئونه بالخِلْعة، فقال هُوَ: هذا يوم عزاء لا يوم هناء، فقيل: لم؟ فقال: أهنّئُ على لبْس الحرير؟!
قال أبو الفَرَج: وحدّثني عَبْد الرَّحْمَن بْن عِيسَى الفقيه، قال: سَمِعت مُحَمَّد بْن يحيى الزَّبِيديّ، قال: خرجت إلى المدينة على الوحدة، فأواني اللّيل إلى جبلٍ، فصعدت ونادَيت: اللَّهُمّ إنّي اللّيلة ضَيْفُك. ثُمَّ نزلت فتَوَارَيْت عند صخرة، فسمعت مناديًا ينادي: مرحبًا يا ضيف الله. إنك مع طلوع الشّمس تَمُرُّ بقومٍ على بئرٍ يأكلون خُبزًا وتمرًا، فإذا دَعوْك فأجِبْ، فهذه ضيافتك. فَلَمّا كان من الغد سِرْتُ، فَلَمّا طلعت الشّمسُ لاحت لي أهداف بئرٍ، فجئتُها، فوجدت عندها قومًا يأكلون خُبزًا وتمرًا، ودَعَوْني، فأجبت.
وقال ابن السَّمْعانيّ: كان يعرف النَّحْو معرفة حَسَنة، ويعِظ، ويسمع معنا مِن غير قصْد من القاضي أبي بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وغيره. وكان فنّا عجيبًا. وكان فِي أيّام المسترشد يَخْضِب بالحِنّاء، ويركب حمارًا مخضوبًا بالحِنّاء، وكان يجلس ويجتمع عليه العوامّ، ثُمَّ فَتَر سوقه. ثُمَّ إنّ الوزير عَوْن الدِّين ابن هُبَيْرة نَفَقَ عليه الزَّبِيديّ ورِغب فِيهِ. وسمعت جماعة يحكون عَنْهُ أشياء السكُّوت عَنْهَا أَوْلَى.
ثُمَّ قال: وقيل لي: إنّه يذهب إلى مذهب السّالميَّة، ويقول: إنَّ الأموات يأكلون ويشربون وينكحون فِي قبورهم، والسّارق والشّارب للخمر والزاني لا يُلام على فعله؛ لأنه يفعل بقضاء الله وقدره. وسمعت عليّ بْن عَبْد الملك -[104]- الأندلسيّ يقول: زاد الزَّبِيديّ فِي أسماء اللَّه تعالى أسامي، ويقول: هُوَ المتمّم، والمبهم، والمظهر، والزّارع.
وقال أبو البركات عَبْد الوهّاب الأنماطيّ: حمل إلي الزبيدي جزءًا صنفه فذكر فِيهِ أنّ لكل ميّتٍ بيتًا فِي الجنَّة وبيتًا فِي النّار، فإذا دخل الجنَّة هُدِم بيته الَّذِي فِي النّار، وإذا دخل النّار هُدِم بيته الَّذِي فِي الجنَّة.
قلت: وحفيداه اللذان رويا " الصّحيح " هما الْحَسَن والحسين ابنا المبارك بْن مُحَمَّد.
وقال ابن عساكر: قال ولده إِسْمَاعِيل: كان أبي فِي كلّ يومٍ وليلة من أيّام مرضه يقول: اللَّه اللَّه؛ قريبًا من خمسة عشر ألف مرَّة، وما زال يقول الله الله حتى طفئ، تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
وقال أَحْمَد بْن صالح بْن شافع: كان له فِي علم الأصُول وعِلْم العربيَّة حظٌّ وافر، وقد صنَّف كتبًا في فنون العلوم تزيد على مائة مصنَّف. ولم يضيّع شيئًا من عمره. ثُمَّ بالغ الْجِيلي فِي تعظيمه، وقال: كان يَخْضِب بالحناء ويعتمّ متلحّيًا دائمًا. حُكيت لي عَنْهُ من جهاتٍ صحيحة غير كرامة، منها رؤيته للخَضِر وجماعة من الأولياء.