كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 12)

197 - أحمد بن هبة الله بن محمد، أبو عبد الله ابن الفُرْضيّ، بسكون الراء، البغداديّ المقرئ. [المتوفى: 556 هـ]
قرأ بالروايات على أبي ياسر الحمّاميّ، وثابت بْن بُنْدَار، وعبد العزيز بْن عليّ الخبّاز، ومحمد بْن أَحْمَد الوِقاياتيّ، وجماعة. وسمع من رزق اللَّه التّميميّ، وعليّ بْن قريش. وجماعة.
روى عَنْهُ أَحْمَد بْن طارق، وابن الأخضر، وجماعة. وقرأ عليه بالروايات أبو الفتوح ابن الحُصْريّ.
وكان عالي الإسناد فِي القراءات. سكن الدَّسْكَرة وخطب بها. وكان القرّاء يقصدونه لعُلُوّ روايته. وكان صالحًا، خيّرًا، مُسِنًّا، تُوُفّي فِي جمادى الآخرة.
ذكره ابن الدبيثي، والمحب ابن النّجّار.
198 - إِبْرَاهِيم بْن دينار بْن أَحْمَد، أبو حكيم النَّهْرَوَاني، الفقيه الحنبليّ، [المتوفى: 556 هـ]
من علماء بغداد.
كان من المشهورين بالزهد والورع، والحلم الزائد، وإليه كان المرجع فِي عِلم الفَرَائض. أنشأ مدرسة من ماله بباب الأَزَج، وانقطع بها للعِلْم والعمل. وكان يُؤثِر الخُمول والتّواضع والعَيْش الخَشِن، ويقتات من خياطة يده، فيأخذ على القميص حبَّتين فقط.
ولقد اجتهد جماعةٌ فِي إغضابه وإضجاره فلم يقدروا. وكان صَبُورًا على خِدْمة الفقراء والعجائز والزَّمْنَى، ولم يُرَ عابسًا قَطّ.
سمع أَبَا الْحَسَن العلاف، وابن بيان الرّزّاز، وغيرهما. روى عَنْهُ أبو الفرج ابن الْجَوْزِيّ، وابن الأخضر، وأبو نصر عُمَر بْن مُحَمَّد المقرئ.
وكان صدوقًا، صحيح السّماع. وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وأربع مائة. وسمع أيضًا من أبي الخطّاب الكَلْوَذَانيّ. وتفقّه على صاحبه أبي سَعْد بْن حمزة، وقرأ عليه كثيرًا.
قال ابن الْجَوْزِيّ: أعَدْتُ درسَه بمدرسة ابن الشَمحل، فلما توفي -[110]- درّست بعده بها. وكان يُضرب به المَثَل في الحلم والتواضع. قرأت عليه القرآن والمذهب. وقرأتُ بخطّه على ظهر جزءٍ له: رَأَيْتُ ليلة الجمعة عاشر رجب سنة خمسٍ وأربعين فيما يرى النّائم، كأنّ شخصًا فِي وسط داري قائمًا، فقلت له: من أنت؟ قال: الخَضِر، وقال:
تأهّب لِلذي لا بُدّ منه ... من الموت الموكَّل بالعباد
ثُمَّ كأنّه علِم أنّني أريد أن أقول له: هَلْ ذلك عن قُرْبٍ؟ فقال: قد بقي من عُمرك اثنتا عشرة سنة تمام سِنِيّ أصحابك. وعُمري يومئذ خمسٌ وستّون سنة.
قال ابن الجوزي: فكنت أترقَّب صحَّة هذا، ولا أفاوضه، فمرض اثنين وعشرين يومًا، وتوفي في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ست وخمسين.
قلت: إنّما يكون اثنتي عشرة سنة إذا حسبنا السَّنَة التي رَأَى فيها والتي تُوُفّي فيها.

الصفحة 109