كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)
"الحلية" و"الرافعي"- لأنهما منقولان عن قرب, والوقف صدقة جارية؛ فكما لا يصح وقف ما لا [دوام له] لا يصح الوقف على من لا [دوام له] , ولك أن تقول: وقف ما لا دوام له لا يبقى له أثر بعد فواته, وإذا فات الموقوف عليه أولًا انتقل الوقف إلى من بعده؛ فمقصود الوقف حاصل وهو الدوام. ثم من جوز الوقف على المرتد [يجب] أن يقول ببقاء ملكه, والله أعلم.
وقد ذهب بعض الأصحاب إلى أن الوقف على الجهة العامة لا يشترط فيه [وجود] القربة؛ بل الشرط انتفاء المعصية حتى جوز الوقف على مساكين أهل الذمة والأغنياء من المسلمين؛ كما لو وقف على ذمي بعينه أو مسلم بعينه –وكان غنيًا- نظرًا لكونه جهة تملك, وهذا ما اختاره الإمام وشيخه بعد أن حكى عن المعظم الأول, وأنهم استدلوا بأنه لا يجب استيعاب المساكين إذا وقف عليهم, ويجوز الاقتصار على ثلاثة منهم, ولو كان القصد التملك لما جاز مثل ذلك.
وقال الرافعي: إن ما اختاره الإمام أشبه, وإنه مطرد في جواز الوقف على الفساق.
واستشهد له بأن ابن الصباغ صحح الوقف على النازلين بالكنائس من مارة أهل الذمة وقال: إنه وقف عليهم لا على الكنيسة.
وإن الأشبه توسط ذهب إليه بعض المتأخرين, وهو تصحيح الوقف على الأغنياء, وإبطال الوقف على اليهود والنصارى وقطاع الطريق وسائر الفساق؛ لتضمنه الإعانة على المعصية.
ولا خلاف أن الوقف على شراء آلة برسم قطاع الطرق والمحاربين لا يجوز, وكذا على البيع والكنائس وكتب التوراة والإنجيل؛ لأنها محرمة لا لكونها منسوخة, كما قاله البندنيجي والقاضي أبو الطيب؛ لأن النسخ لا يذهب حرمتها, والقاضي الحسين علله بكونها منسوخة, وحكاه في "الحاوي" عن بعض الأصحاب وقال: إنه فاسد.
وسواء فيما ذكرناه المسلم والذمي, حتى لو رفع إلينا وقف أهل الشرك نقضناه,
الصفحة 13
544