كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)

يكون فيها حق, ولأن الوقف صدقة ومعناه تمليك المنفعة جزمًا, وتمليك الموقوف على رأي, والموقوف ومنفعته ملكه؛ فلا يمكن أن يتصدق بها على نفسه, ولا أن يملك نفسه ذلك, كما لا يجوز أن يملكها بالبيع, وهذا ما حكاه في "البحر" عن نصه في القديم.
وذهب ابن سريج وأبو عبد الله الزبيري من أصحابنا إلى صحة ذلك –كما حكاه القاضي أبو الطيب والماوردي وغيرهما- تمسكًا بما روي أن عثمان لما وقف بئر رُومة, قال: "دلوي فيها كدلاء المسلمين", وحكاه في "البحر" عن المذكورين, وعن محمد بن عبد الله الأنصاري, وقال: إن الاختيار جوازه واستحسنه.
وعن القاضي ابن كج: أنه نقل عن ابن سريج أنه صحح الوقف, وألغى الشرط والإضافة إلى نفسه. وهذا بناء على أنه لو اقتصر على قوله: وقفت, صح الوقف كما سنذكره.
والمنتصرون للأول قالوا: عثمان –رضي الله عنه- لم يقل ذلك شرطًا, ولكن أخبر أن للواقف أن ينتفع بالأوقاف العامة؛ كالصلاة في [البقعة التي] جعلها مسجدًا وما أشبه ذلك, وتفارق الأوقاف العامة الخاصة؛ لأن العامة عادت إلى ما كانت عليه من الإباحة, بخلاف الخاصة؛ فإنها تقتضي ملك مخصوصين فلم يجز أن ينتفع بها.
التفريغ:
أن قلنا بالصحيح, فطريق تصحيح الوقف –كما قال ابن يونس وصاحب "رفع التمويه"-: أن يقف على أولاد أبيه الذين من صفتهم [كذا وكذا] , ويذكر صفات نفسه, [أو يقف على

الصفحة 17