كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)

اسم القرابة يشمل الجميع, والغني كالفقير في باب الوقف.
وقيل: يختص به الفقراء قولًا واحدًا؛ لما تقدم, وهذا ما نسب إلى ابن سريج, وبه قال جمهور الأصحاب كما قاله الماوردي, وحملوا رواية المزني والربيع المطلقة على رواية حرملة المقيدة بالفقر.
وهذا الخلاف جارٍ بلا شك عند الأصحاب في الوقف على القرابة, لكن هل يجري مثله فيما إذا قلنا: أقرب الناس إلى الواقف الجيران؛ الظاهر: أنه لا يجري؛ فإن الماوردي حكى فيما إذا وقف على الجيران: أنه لا فرق فيهم بين الغني والفقير, وأقصى درجات ذلك: أن يكون كالتصريح, ثم إذا قلنا: بالاختصاص بالفقراء فهل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ فيه وجهان.
فإذا قلنا: على سبيل الوجوب, فلو افتقر من كان غنيًا عند موت الموقوف عليه أولًا صرف إليه, ولو كان الكل أغنياء [كان] كما لو كان الكل فقراء وانقرضوا, و [قد] قال ابن الصباغ في ذلك: إنه يصرف إلى الفقراء والمساكين.
وقال في "البحر": الذي نص عليه الشافعي: أن الإمام يجعلها حبسًا على المسلمين يصرف غلتها في مصالحهم.
وقال: أن القاضي الطبري صار إليه ورجحه.
وقيل على قول الصحة: لا يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف, بل يصرف إلى المصالح العامة مصارف الخمس؛ فإنها أعم الخيرات, والأعم أهم.
قال [الإمام]: وعلى هذا لا يتصرف فيه غير الولي على رأي الظاهر, ولا يبعد عن الاحتمال رد ذلك إلى نظر الناظر في الوقف, وقيل: بل إلى مستحق الزكاة غير العامل, وهذا جعله الروياني في "البحر" مع الذي قبله وجهًا واحدًا.
وقيل: بل إلى المساكين؛ لأن سد الخلات أهم الخيرات.
وعلى هذا فهل يقدم جيران الوقف؟ فيه وجهان, أشبههما: المنع؛ لأنا لو

الصفحة 24