كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)

البقعة مسجدًا, أو لا يضاهيه ويتضمن نقل الملك كالوقف على معين, أو على الجهات العامة؛ لأنه إزالة ملك عن منفعة عين, أو عن عين ومنفعة على وجه القربة تبرعًا؛ فلم يصح بغير لفظٍ مع القدرة كشراء القريب والعتق.
واحترزنا بلفظ "القربة" عن قضاء الديون وتقديم الطعام للضيف, وبلفظ "التبرع" عن الزكوات وكفارات, وبلفظ "القدرة" عن الأخرس؛ فإنه إذا عجز عن النطق صح منه الوقف بالإشارة المفهمة.
قال المتولي ويخالف البيع حيث أثبتنا حكمه على طريقة بدون لفظ؛ لأن البيع كان معهودًا في الجاهلية والشرع ورد بإباحته فجرى عليه, والوقف لم نعهده في الجاهلية فاتبع فيه ما ورد في الشرع وهو اللفظ.
قال: وألفاظه أي: الصريحة وقفت؛ لأنه موضوع له ومعروف به, وحبست وسبلت؛ لأنه ثبت لهما عرف الشرع بدليل حديث عمر.
قال المتولي: ولأنهما تكررا في عرف الصحابة؛ فما نقل عنهم الوقف إلا بهذين اللفظين. وهذا هو الصحيح.
وقيل: إن الألفاظ الثلاثة كناية, حكاه ابن كج عن رواية أبي حامد وأبي الحسين, وقد نسب هذا إلى الإصطخري, وبعضهم ينسب إليه أن لفظ: "التحبيس" و"التسبيل" كنايتان دون لفظ "الوقف".
وبعضهم نسب إليه أن لفظ "التسبيل" خاصة كناية؛ تمسكًا بأنه –عليه السلام – غاير بين اللفظين في قصة عمر: فاستعمل التحبيس في الأصول, والتسبيل في الثمار التي ليست بموقوفة, وبأن "التسبيل" من "السبيل", وهو لفظ مبهم, و"التحبيس" معناه: حبس الملك في الرقبة عن [التصرفات المزيلة] فكان في معنى الوقف, وبذلك حصل في المسألة أربعة أوجه, والمذكور في أكثر الكتب: ما ذكره الشيخ, قال في "الإبانة": ويقوم مقام ذلك ما أدى معنى هذه الألفاظ.

الصفحة 33