كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)

[ما لم] يقل: جعلته مسجدًا، وكذا المتولي في أوائل هذا الباب قال: إن عندنا يلزم الوقف بمجرد قوله: جعلت هذا الموضع مسجدًا. وحكى الإمام أن الأصحاب ترددوا في استعمال لفظ الوقف فيما يضاهي التحرير كما إذا قال مالك المنفعة: وقفتها على صلاة المصلين، وهي [يبغي جعلها] مسجدًا.
قال الرافعي: فانظر ما بين الكلامين من التباعد.
والأشبه: أنه لا [بأس باستعمالي لفظ الوقف، وأن قوله: جعلته مسجدًا يقوم مقامه؛ لإشعاره بالمقصود، واشتهاره [به].
قلت: وقد صرح في "الوسيط" بأن لفظ "الوقف" و"التحبيس" و"التسبيل" يستعمل فيها، وإن حكى الخلاف في الصورة التي حكاها الإمام، ومحل التردد الذي ذكرناه إذا خلا عن نية الوقف، أما إذا قصد بقوله: جعلتها مسجدًا، الوقف – صارت مسجدًا، صرح به القاضي الحسين، وكذا محله إذا كان ملكه على الأرض مستقرًّا قبل إرادة جعل البقعة مسجدًا، أما إذا ابتدأ بناء مسجد في موات ونوى به المسجد صارت مسجدًا، ولم يحتج إلى صريح القول بأنه مسجد، قال في "الحاوي": لأن الفعل مع النية يغنيان عن القول، ويزول ملكه عن الآية بعد استقرارها في مواضعها من البناء، وهي قبل الاستقرار باقية على ملكه، إلا أن يصرح قولاً: إنها للمسجد؛ فتخرج عن ملكه، ولو بنى بعضه لم يجبر على التمام، ولو سقط على إنسان لم يضمنه، سواء أستأذن الإمام أم لا.
قال: وإذا صح الوقف لزم أي: ولا يفتقر إلى القبض كما صار إليه بعض العلماء، ولا إلى حكم حاكم كما صار إليه أبو حنيفة، ووجهه: ما ذكرناه في أول الباب من حديث عمر، رضي الله عنه.
ووجه التمسك به على الأول: أنه لما أمره – عليه السلام – بتحبيس الأمل

الصفحة 37