كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)

وتسبيل الثمرة لم يأمره بالإقباض، ولو كان شرطًا لذكره، [و] لأنه جعل إليه التحبيس، وعند المخالف: لا يملك الواقف التحبيس؛ لأنه لا يصير موقوفًا لازمًا حتى يقبضه غيره، وذلك سبب من جهته.
ووجه التمسك [به] على الثاني من وجهين:
أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأن يحبس الأصول، وعند المخالف لا يقع تحبيس الأصل بحال؛ لأنه لا يلزم إلا من جهة الحاكم.
والثاني: أن عمر – رضي الله عنه – لما جعلها صدقة، ثم ذكر أحكامها فقال: "لا تباع، ولا توهب، ولا تورث" – دل على أن هذه الأحكام تتعلق بها إذا صارت صدقة، وإن لم يحكم بها حاكم، ولأنه تصرف يلزم إذا وجد في حال المرض من الثلث؛ فجاز أن يلزم في حال الصحة من غير حاكم.
أصله: إذا بنى مسجدًا؛ فإنه يلزم من غير حاكم.
وقال بعض أصحابنا: إذا اعتبرنا القبول في الوقف فلا بد من القبض فيه، وهو ما أفهمه كلامه في "المهذب" في باب الوصية حيث قال في توجيه رد الوقف بعد القبول: [إنه تمليك من جهة الآدمي من غير بدل؛ فيصح رده قبل القبض؛ كالوقف وهو فيه متبع للماوردي كما ستعرفه].
ثم قال: وإن شرط فيه الخيار أو شرط أن يبيعه إذا شاء بطل؛ لأنه إخراج مال على وجه القربة فلم يصح مع هذين الشرطين؛ كالصدقة والعتق، وحكى ابن سريج [وجهًا]: أنه يبطل شرط البيع، ويصح أصل الوقف، كذا حكاه الماوردي، ويوافقه مع حكاه ابن كج عنه فيما إذا وقف على نفسه: أنه يصح الوقف ويلغى الشرط والإضافة إلى نفسه، وفي "الرافعي" أن ابن سريج أبدى ذلك احتمالاً لنفسه في الصورتين، وحكى في باب الهبة وجهًا: أن الوقف لا يبطل بسائر الشروط الفاسدة، مخرَّجًا عن مسألة العُمْرَى، كما ستقف عليه، إن شاء الله تعالى.

الصفحة 38