كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)

وله وجه مما ذكرناه في أن الوقف يضاهي العتق، وحكاه عن الإمام في باب عقد الهدنة أيضاً، وحكى الجيلي عن "المجرد" وجهًا: أن خيار الشرط يصح.
قال: ولا يجوز أن يعلق ابتدؤه على شرط، فإن علقه على شرط أي: مثل أن قال: إذا جاء رأس الشهر فقد وقفته على الفقراء، وإذا جاء رأس الشهر فقد وقفته على ولدى ثم على الفقراء.
قال: بطل؛ لأنه عقد يقتضي نقل المال في الحال لم يُبْنَ على التغليب والسِّراية؛ فلم يصح تعليقه على شرط؛ كالبيع والهبة، وهذا ما حكى الإمام والغزالي عن العراقيين القطع به؛ لأنه لم يوافق مصلحة الوقف، بخلاف المنقطع الابتداء.
وحكى الإمام في موضع آخر عن بعض المراوزة تخريجه على الخلاف المذكور فيما إذا وقف على من سيوجد من أولاده، ثم على الفقراء، وهو المنقطع الابتداء، وأن التصريح أولى بالفساد، وعلى هذا يكون حكمه كما تقدم.
وقال القاضي الحسين في "تعليقه": إن وجه الصحة مبني على أن الوقف لا يثبت بالشاهد واليمين؛ فيكون شبيهًا بالعتق، والعتق يصح تعليقه.
ويقرب منه ما حكى الإمام عن شيخه أنه قال: وقعت في "الفتاوى" مسألة في زمان الأستاذ أبي إسحاق، وهي أن من قال: وقفت داري هذه على المساكين بعد موتي، فأفتى الأستاذ بأن الوقف يقع بعد الموت وقوع العتق في المُدَبَّر. وساعَدَهُ أئمةُ الزمان.
قال الإمام: وهو تعليق على التحقيق، بل هو زائد عليه؛ فإنه إيقاع تصرف بعد الموت.
فإن قيل: قد تقدم في [باب] الوكالة أنه [لو] قال: جاء رأس الشهر فقد وكلتك، لم يصح؛ لأن هذا تعليق الوكالة، وهو غير جائز.

الصفحة 39