كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)
الشهادات: أقضي في الوقف بالشاهد واليمين، ولا أقضى في العتق بشاهد ويمين، والقائلون بالأول قالوا: [قبول] الشاهد واليمين فيه ليس لأجل أن الملك في الرقبة قد انتقل إلى الموقوف عليه؛ بل لأن المقصود منه المال، وما كان مالاً أو المقصود منه المال ثبت بالشاهد واليمين، وليس كذلك العتق؛ لأنه ليس بمال ولا المقصود ومنه المال؛ فلا يدخل فيه الشاهد واليمين، على أن بعضهم منع ثبوت الوقف بالشاهد واليمين.
قال: وقيل: فيه قولان، ووجههما: ما ذكرناه، وهذا أظهر الطرق، وعليه أكثر الأصحاب كما حكاه في "البحر"، والصحيح عند الجمهور – وإن ثبت الخلاف -: انتقاله إلى الله تعالى، وفي "الحاوي" تضعيف خلافه.
ومقابل ظاهر المذهب قول حكاه الفوراني والقاضي الحسين والإمام عن رواية بعض الأصحاب: أن الملك لا ينتقل، بل يبقى على ملك الواقف؛ لأنه حبَّس الأصل وسبَّل الثمرة، وذلك لا يوجب زوال الملك – أيضاً – وقد قال – عليه السلام -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثٍ، صدقة جارية ... " الحديث، وإنما يحصل له الثواب إذا كانت الرقبة باقية على ملكه؛ فتحصل له الزوائد والفوائد، ثم تصرف من ملكه في وجوه البر، فيحصل الثواب.
وحكى في "الحلية" عن بعض الأصحاب القطع به، وبه قال القاضي الحسين في "تعليقه"، وهذا لا يوجد للشافعي – رضي الله عنه – وكذلك البندنيجي أيضاً: أنه لا يعرف مذهبًا للشافعي، رضي الله عنه.
وفي "الحاوي": أن القائل به أبو حفص بن الوكيل، وادعى القاضي أبو الطيب والمتولي أن ابن سريج خرَّجه، وكذلك الرافعي قال: إنه مخرج من نص الشافعي
الصفحة 42
544