كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 12)

قاطعة بهذا الوجه, ونسبها الفوراني إلى القفال, واختارها في "المرشد".
ومن خرج هذا الوقف على ما ذكرناه يلزمه تجويز وقف الموصى له بالمنفعة ولم يجوزه؛ فلا جرم كان الأصل عند المعظم [المنع] , وحينئذ فلو قال الشيخ: ولا يصح الوقف إلا في عين يمكن بيعها ويمكن الانتفاع بها على الدوام –كما قال القاضي أبو الطيب- لكان شاملًا لما يجوز وقفه على الصحيح, وعليه ينطبق أن المكاتب لا يجوز وقفه على الصحيح, وبه جزم الماوردي.
فإن قلت: ما ذكرته وإن كان مانعًا فهو غير جامع؛ لأمرين:
أحدهما: أنه يقتضي أن وقف الأشجار لثمارها, والمواشي لأصوافها وألبانها ونتاجها, والفحل لطروقه على بهائم أهل القرية– لا يجوز؛ لأن ما وقف غير منتفع به, وإنما الانتفاع حاصل بما صدر عنه, والانتفاع به حقيقة: كالدار تسكن والدابة تركب, والثوب يلبس ونحوه؛ ولهذا قال الغزالي: يجوز وقف كُلِّ مُتعين تحصل منه فائدة, أو منفعة لا تفوت العين باستيفائها.
الثاني: أنه يقتضي أن وقف المعلق عتقه لا يصح, وكذا المدبر إذا قلنا: إن التدبير عتق بصفة؛ لأنهما على قولنا: إن الوقف لا ينقل الملك, إذا مات السيد عَتَقَا؛ فهو مال لا ينتفع به مع بقائه على الدوام, مع أن وقفهما صحيح اتفاقًا.
قلت: الجواب عن الأول: أن أهل العرف يعدون [مثل] هذه الأعيان منتفعًا بها,

الصفحة 9