كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 12)

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، ثم افترق المخالفون لهم على فرقتين، فقالت فرقة: البيع جائز والشرط باطل. وقالت فرقة: البيع فاسد.
وسنبيِّن ما ذهب إليه الفريقان جميعًا في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: ابن أبي ليلى وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي وأشهب وأحمد في رواية.
ثم افترق هؤلاء على فرقتين، فقالت فرقة -وهم: ابن أبي ليلى وأحمد- في رواية -وأشهب-: البيع جائز والشرط باطل.
وقالت فرقة -وهم: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والشافعي-: البيع فاسد.
وفي "شرح الموطأ" قال أبو حنيفة: لا يجوز أن يشترط سكنى الدار ولا خدمة العبد ولا ركوب الدابة وقتًا بحال؛ والبيع فاسد.
وكره الليث بن سعد أن يشترط سكنى الدار عشرين سنة، وأجاز اشتراط سكناها سنة، وإن احترقت في السنة كانت من المشتري، ولم يُجِز اشتراط ركوب الدابة إلى موضع قريب ولا بعيد، وإن اشترط البائع على المبتاع إيقاع معنى من معاني البر، فإن اشترط عليه من ذلك ما يتعجل كالعتق المعجل؛ فذلك جائز لبعده عن الغرر، وبه قال الشافعي، ولم يجزه أبو حنيفة.
فإن امتنع البائع من إنفاذ العتق، فقال أشهب: يجبر على العتق] (¬1) وقاله ابن كنانة في المدينة، وزاد: ولو رضي البائع بذلك لم يكن له ذلك، ويعتق عليه.
وقال ابن القاسم: إن كان اشتراه على إيجاب العتق فهو حُر، وإن كان اشتراه من غير إيجاب عتق لم يجبر على عتقه، والإيجاب أن يقول: اشتريته منك فهو حُر، وإن لم يقل ذلك وإنما اشترط أن يستأنف عنه بعد كمال ملكه فليس بإيجاب.
¬__________
(¬1) آخر ما أثبتناه من "ك".

الصفحة 14