كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 12)

وقال النسائي (¬1): أخبرنا علي بن حجر، أبنا سعدان بن يحيى، عن زكرياء، عن عامر، عن جابر بن عبد الله قال: "كنت مع النبي -عليه السلام- في سفر، فأعيى جملي، فأردت أن أُسيبه، فلحقني رسول الله -عليه السلام-، ودعى له، فضربه، فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: بعنيه بوقية، قلت: لا، قال: بعنيه، فبعته بوقية، واستثنيت حملانه إلى المدينة، فلما بلغنا المدينة أتيته بالجمل وابتغيت ثمنه ثم رجعت، فأرسل إلي فقال: أَتُرَاني إنما ماكستك لاَخذ جملك؟! خذ جملك ودراهمك" (¬2).
وأخرجه (¬3) من طريق آخر بأتم منه:
قوله: "على جمل له" قال الفراء: الجمل زوج الناقة والجمع: جمال، وأجمال، وجملات، وجمائل، ويطلق عليه البعير؛ لأن جابرًا -رضي الله عنه- قال في الحديث: "ثم أتيت بالبعير" وأراد به الجمل المذكور.
وقال أهل اللغة: البعير: الجمل البازل، وقيل: الجذع، وقد يكون للأنثى.
وحكي عن بعض العرب: شربت من لبن بعيري، وصرعتني بعير لي، فإذا استثنيته قلت: جمل أو ناقة ويجمع على أبعرة وأباعر وأباعير وبُعران وبَعران.
قوله: "فأعياه" أي أعجزه عن الذهاب إلى مقصده؛ لعيِّه وعجزه عن المشي، يقال: عييت بأمري إذا لم تهتد بوجهه، وأعياني هو، ويقال: هذا مرض أعيى الأطباء: إذا أعجزهم عن مداواته.
قوله: "أعيى ناضحي" من قولهم: أعيى الرجل في مشيه فهو معيى، ولا يقال: عيان، وأعياه الله، كلاهما بالألف.
¬__________
(¬1) "المجتبى" (7/ 297 رقم 4637).
(¬2) طمس من "الأصل" بمقدار لوحة، يبدأ من هنا، والمثبت من "ك". وقد استشرى الطمس في هذا المجلد من "الأصل" في كل اللوحات "ب" واستدركناه من "ك" وسنضع معكوفًا عند أول الطمس، وننبه عند آخر الطمس إن شاء الله.
(¬3) "المجتبى" (7/ 298 رقم 2638).

الصفحة 8