كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 12)

أَنا بُلْبُلُ الأَفْراحِ أَمْلأُ دَوْحَها ... وَفِي العَلْياء بازٌ أَشْهبُ
وروى الأصبهاني في "الترغيب" عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى: أن سليمان بن داود عليهما السلام مرَّ على بلبل على شجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟
قالوا: لا.
قال: إنه يقول: أكلتُ نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء (¬1)؛ أي: الدروس وذهاب الأثر.
وقيل: التراب.
والمؤمن أولى بالقناعة بالكفاف، والقدوة في ذلك بسيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يقول: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمّدٍ كَفَافًا".
وفي رواية "قُوتاً" كما تقدم (¬2).
وذكر ابن عبد ربه في "العقد" أنه قيل لأبي نواس: قد أرسلوا وراء أبي عبيدة والأصمعي ليجمعوا بينهما.
فقال: أما أبو عبيدة فإن خلوه وسفَره قرأ عليهم أساطير الأولين، وأما الأصمعي فبلبلٌ في قفص، يطربهم بصفيره (¬3).
وكذلك ينبغي لمن له حفظ إذا جلس بين قوم أن يفيض عليهم
¬__________
(¬1) ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (22/ 286).
(¬2) تقدم تخريجه.
(¬3) انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (2/ 94).

الصفحة 13