كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 12)

ولذلك قال الأستاذ أبو الحسن بن سمعون رحمه الله تعالى: الربيع أرضه حرير، وأنفاسه عبير، وأوقاته كلها أوقات وعظ وتذكير، والذكر والفكر من أفضل العبادات.
ولقد سمَّى الله تعالى الجامعين بينهما أولي الألباب في قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ} [آل عمران: 190، 191].
وروى ابن حيان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادةِ سِتِّيْنَ سَنَةٍ" (¬1).
ورواه الديلمي من حديث أنس بلفظ: "ثَمَانِيْنَ سَنَةٍ" (¬2).
فإذا خرجْتَ أيام الربيع إلى الصحاري والروابي كان مجالك في الذكر والفكر فيها أوسع منه في غيرها؛ فإنك تنظر في ألوان الربيع المختلفة خضرة، وحمرة، وصفرة، وزرقة، وبياضاً وسواداً، مع أنها تُسقى بماءٍ واحدٍ، وتنظر إلى نضارته واخضراره وريعانه، ثم إلى ما يعود إليه من اليَبَس والقحول، فتعتبر به حال الدنيا وفنائها كما قال الله
¬__________
(¬1) رواه أبو الشيخ في "العظمة" (1/ 300). قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (2/ 1193): إسناده ضعيف.
(¬2) رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (2397). قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (2/ 1193): إسناده ضعيف جداً.

الصفحة 18