كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 12)

بعدما كان ذلك داوياً (¬1)، فتعتبر بذلك البعث والنشور بعد الموت والفناء كما قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 57].
وروى الإمام أحمد، وغيره عن أبي رزين رضي الله تعالى عنه: أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف يُحيى الله الموتى، وما آية ذلك في خلقه؟
قال: "هَلْ مَرَرْتَ بِوَادٍ أُهْلِكَ مَحْلاً ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَز خُضْرًا".
قال: نعم.
قال: "كَذَلِكَ يُخْرِجُ اللهُ الْمَوْتَىْ، وَذَلِكَ آيَتُهُ فِيْ خَلْقِه" (¬2).
وكذلك تعتبر حال الإنسان إذا يُولد غضًّا طرياً ناعماً، ثم يتكامل في صباه وشبابه، ثم يشيخ، ثم يَهْرَم، ثم يموت، ثم يبعثه الله تعالى كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} [نوح: 17، 18].
وقيل: [من الطويل]
وَما الْمَرْءُ إِلَّا كَالنَّباتِ وَزَهْرهِ ... يَعُودُ رُفاتاً بَعْدَما كانَ ناضِرا
ولنا في هذا المعنى وهو من نظم الصبا: [من مخلَّع البسيط]
¬__________
(¬1) لعل الصواب: "ذاوياً" بدل "داوياً".
(¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" (4/ 11)، وكذا الحاكم في "المستدرك" (8682).

الصفحة 20