كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 12)

قال: "لَوْ أنَّكمْ تتَوَكَّلُوْنَ عَلَىْ اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُوْ خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَاناً" (¬1).
وهذا الحديث ليس فيه رفض الأسباب بالكلية نوبة واحدة، ألا ترى أن الطير تغدو وتروح، وهذا سبب، لكنها لما لم تقصد موضعًا معينا وصفت بالتوكل؟
وروى الدينوري في "المجالسة" قال: حدثنا أبو القاسم بن الحنبلي قال: سألت أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فقلت: ما تقول في رجلٍ جلس في بيته أو مسجده وقال: لا أعمل شيئاً حتى يأتيني رزقي؟
فقال أحمد: هذا رجلٌ قد جهل العلم، أما سمعت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جَعَلَ اللهُ رِزْقِيْ تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِيْ" (¬2).
وحديثه الآخر حين ذكر الطير فقال: "تَغْدُوْ خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَاناً".
فذكر أنها تغدو وتروح في طلب الرزق.
وقال الله تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20]
¬__________
(¬1) رواه الترمذي (2344) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (4164)، والحاكم في "المستدرك" (7894).
(¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" (2/ 50)، وذكره البخاري (3/ 1067) معلقاً عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

الصفحة 30