كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 12)

وقال أبو مالك: كانوا يتجرون في الشتاء والصيف، فيأخذون في الشتاء على طريق البحر وأيلة إلى فلسطين يلتمسون الرخاء، وأما الصيف فيأخذون قبل بصرى وأذرعات يلتمسون البرد. رواه سعيد بن منصور، وابن المنذر (¬1).
ولا شك أن الإنسان متى كان في أرض تلائمه وتوافق مزاجه كان أصفى قلباً، وأفرغ لأموره.
فلذلك امتنَّ الله تعالى عليهم بالرحلتين الموافقتين، وطالبهم بالشكر على ذلك، فقال: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)} [قريش: 3، 4].
وكذلك النعمة على العباد ما كان لهم مصيف ومشتى من أرض، أو بيت أو ثوب.
وروى الخطيب، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء الشتاء دخل البيت ليلة الجمعة، وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة، وإذا لبس ثوباً جديداً حمد الله تعالى وصلَّى ركعتين، وكسا الخلق (¬2).
الثانية: تقدم عن الثعلبي أن آدم عليه السلام لمَّا شكا إلى الله - عز وجل -
¬__________
(¬1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (8/ 637).
(¬2) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (8/ 414)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (18/ 86).

الصفحة 46