كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 12)

الوحشة آنسه بالخطاف، فلذلك لا تفارق الخطاطيف بني آدم، وفيه إشارة إلى حفظ مودَّة الآباء وتوارث الحب.
روى الطبراني في "الكبير"، والحاكم وصححه، عن عفير رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الْودُّ يُتَوَارَثُ، وَالْبُغْضُ يُتَوَارَثُ" (¬1).
قلت: شاهد الأول ألفة الخطاف بني آدم، وشاهد الثاني عداوة الحية بني آدم كما علمت فيما تقدم.
الثالثة: روى البيهقي عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية التابعي - مرسلاً -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الخطاطيف، وقال: "لا تَقْتُلُوْا هَذهِ الْعُوَّذَ؛ فَإِنَّهَا تَعُوْذُ بِكُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ" (¬2).
الاعتبار في ذلك أنَّها لمَّا كانت عائذة بالناس نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها؛ فإنَّ من حق العوذ بنا أن تأمن من غيرنا، فكيف لا تأمن منا؛ فكيف إذا عاذ المؤمن بالله - عز وجل - واستجار به!
قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَاذَ بِاللهِ فَقَدْ عَاذَ بِمَعَاذٍ". رَواه الترمذي، وغيره، وتقدم في التشبه ببني إسرائيل (¬3).
¬__________
(¬1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 189)، والحاكم في "المستدرك" (7343). قال ابن حجر في "الإصابة" (4/ 514): فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وهو ضعيف.
(¬2) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 318) وقال: منقطع.
(¬3) تقدم تخريجه.

الصفحة 47