كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 12)

قالوا: يا رسول الله! فإنا لا نبيعه ولا ننحره.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: "كَذَبْتُم، قَدْ اسْتَغَاثَ بِكُم فَلَم تَغِيْثُوْه، وَأَنَا أَوْلَى بِالرَّحْمَةِ مِنْكُمْ، فَإِنَّ اللهَ نزَعَ الرَّحْمَةَ مِنْ قُلُوْبِ الْمُنَافِقِيْنَ، وَأَسْكَنَهَا فِيْ قُلُوْبِ الْمُؤْمِنِيْنَ".
فاشتراه النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم بمئة درهم، وقال: "أَيُّهَا الْبَعِيْرُ! اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَىْ".
فرغا على هامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "آمِيْنَ"، ثم رغا فقال: "آمِيْنَ"، ثم رغا، فقال: "آمِيْنَ"، ثم رغا الرابعة، فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يارسول الله! ما يقول هذا البعير؟
قال: "قَالَ: جَزَاكَ اللهُ أَيُّهَا النَّبِيُّ عَن الإِسْلامِ وَالْقُرْآنِ خَيْرًا، فَقُلْتُ: آمِيْنَ، ثُمَّ قَالَ: سَكَّنَ اللهُ رُعْبَ أُمَّتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا سَكَّنْتَ رُعْبِيْ، فَقُلْتُ: آمِيْنَ، ثُمَّ قَالَ: حَقنَ اللهُ دِمَاءَ أُمَّتِكَ مِنْ أَعْدَائِهَا - يَعْنِيْ: مِنْ الْكُفَّارِ - كَمَا حَقَنْتَ دَمِي، فَقُلْتُ: آمِيْنَ، ثُمَّ قَالَ: لا جَعَلَ اللهُ بَأْسَ أُمَّتِكَ بَيْنَهَا، فَبَكَيْتُ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ سَأَلتُ رَبِّي فَأْعْطَانِيْهَا، وَمَنَعَنِيْ هَذِهِ، وَأَخْبَرَنِيْ جِبْرِيْلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَن اللهِ تَعَالَىْ أَنَّ فَنَاءَ أُمَّتِيْ بِالسَّيْفِ، جَرىْ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ" (¬1).
وروى ابن حبان في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، [عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] قال: "دَنَا رجُلٌ إلى بئرٍ، فنزَلَ فشَرِبَ منها،
¬__________
(¬1) كذا عزاه المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/ 144) لابن ماجه.

الصفحة 56