ومما يمدح به الإنسان حنينه إلى الأوطان حتى قيل: حب الوطن من الإيمان؛ وليس بحديث.
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكاؤه على ما مضى من زمانه.
وقال أيضاً: قالت حكماء الهند: ثلاثة أصناف من الحيوان تحن إلى الأوطان: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيداً، والطير إلى وَكْره وإن كان موضعه مجدباً، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر له نفعاً، رواهما الدينوري في "المجالسة" (¬1).
وروى ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة فبلغ الجحفة، اشتاق إلى مكة، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85]: إلى مكة (¬2).
وروى البخاري، والنسائي، وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85]؛ قال: إلى مكة كما أخرجك منها (¬3).
وروى الخطابي في "الغريب" عن الزهري قال: قدم أُصَيل
¬__________
(¬1) رواهما الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: 60).
(¬2) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (9/ 3026).
(¬3) رواه البخاري (4495)، والنسائي في "السنن الكبرى" (11386).