كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 1)

وفارقت أوطاني ولم أبلغ المنى ... ودون مرادي أبحرٌ وهضابُ
مضى زمني والشيبُ حل بمفرقي ... وأبعدُ شيء أن يُردَّ شبابُ
ويحدثنا أن في رجال الفقه من يجيد التخيل، ويحسن صياغة الكلام المنظوم؛ كالقاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي، الذي قال فيه أبو العلاء المعري:
والمالكي ابن نصر زار في سفر ... بلادنا فحمدنا النأي والسفرا
إذا تفقه أحيا مالكاً جدلاً ... وينشر الملكَ الضِّلِّيل إن شعرا
ومن نظم هذا القاضي:
متى تصل العِطاشُ إلى ارتواء ... إذا استقت البحار من الرَّكايا
ومن يثني الأصاغرَ عن مراد ... وقد جلس الأكابرُ في الزوايا
وإنَّ ترفُّعَ الوُضَعاء يوماً ... على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأصاغر والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا
ويحدثنا بأن في علماء الحديث من يجيد صنع الشعرة مثل: الحافظ سليمان بن موسى الكلاعي؛ فإن له من الشعر ما يشبه أن يكون عربياً مطبوعاً، ومما قال:
أحنُّ إلى نجد ومن حلّ في نجدِ ... وماذا الذي يغني حنيني أو يُجدي؟
وقد أوطنوها وادعين وخلَّفوا ... محبهم رهنَ الصبابة والوجدِ
وضاقت عليّ الأرض حتى كأنّها ... وشاح بخصر أو سِوارٌ على زَنْدِ
ونجد للقاضي عياض -وهو من علماء الحديث والفقه- شعراً ذاهباً

الصفحة 150