كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 1)

في التخيل إلى حد بعيد، ومما قال:
انظر إلى الزرع وخاماتُه ... تحكي وقد ماست أمام الرياحْ
كتيبةً خضراءَ مهزومةً ... شقائقُ النعمان فيها جراحْ
ويحدثنا أن في علماء المنطق والرياضيات من يصنع صوراً خيالية، ويبرزها في ألفاظ عذبة رقيقة؛ مثل: أبي بكر بن الصاغ الأندلسي، ومن نظمه البديع قوله:
ضربوا الخيام على أقاحي ... روضةٍ خطر النسيم بها ففاح عبيرا
وتركت قلبي سار بين حمولهم ... دامي الكلوم يسوق تلك العيرا
لا والذي جعل الغصون معاطفاً ... لهمُ وصاغ من الأقاح ثغورا
ما مر بي ريح الصَّبا من بعدهم ... إلا شهقت له فعاد سعيرا
يبرع بعض العلماء في الشعر، ولكن فحول الشعراء من غير العلماء يكون جيدُ أشعارهم أكثر، ونفَسهم في الشعر أطول، وقرائحهم إلى المعاني الغريبة أسرع.
* التجديد في الشعر:
يجري على ألسنة المحاضرين، وأقلام الكتاب حديثُ التجديد في الشعر، ولسنا ممن يتجافى عن رأي التجديدة إذ التجديد سنة من سنن الشعراء النابغين، ولاسيما شعراء ينشؤون أو ينزلون في بلاد عامرة بمظاهر المدنية، وإنما نريد بحث ما يُعنى بكلمة التجديد، حتى نصل إلى ما فيه إصلاح الشعر، ونتحامى هدم ناحية من نواحي اللغة الفصحى.
للشعر مقاييسُ، وقوافٍ، ومعانٍ، وألفاظٌ، وأساليب، وفنون.

الصفحة 151