كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 1)

إلى آخر، ويجول في جملة من صور الأشياء التي عرفها في الماضي من غير انتظام، ولا قصد إلى استنتاج.
ومن المرائي المنامية ما يرجع إلى عمل هذه المخيلة؛ حيث يزول الانتباه، ولا يبقى للاررادة سلطان، فتجري المخيلة طلقة من غير عنان، فتعرض على النفس صوراً غريبة، أو لذيذة، أو مؤلمة.
ومن المرائي ما هو إلهام إلهي؛ كما ثبت في نصوص الشريعة القاطعة، ودلت عليه التجارب الصحيحة.
والمخيلة العلمية: هي التي تتوجه بإرادة صاحبها، وتعمل تحت مراقبة قوته العاقلة، فتنتقل من صورة إلى أخرى تناسبها، حتى تجتمع في الذهن صور يحصل من ترتيبها على قانون المنطق إدراك حقيقة كانت خافية.
ويقول المتحدثون عن العالم "نيوتن": إن مخيلته العلمية قد انتقلت به من مشاهدة تفاحة سقطت على الأرض، وانساقت به إلى النظر في قانون الجاذبية.
والمخيلة الإبداعية: يتمكن بها الشخص من إحداث صور غريبة، إما محسوسة كما يفعل الصانع الماهر، أو معنوية كما يفعل الشاعر المجيد، فالصانع يفسح المجال لمخيلته، فتنطلق في صور ما شاهده من الأشياء، ويساعده ذوقه على أن ينتفي من تلك الصور ما يركب منه صورة جديدة.
وكذلك الشاعر يبعث مخيلته فيما عنده من صور الأشياء، ومازال على صورة بعد أخرى حتى يجتمع عنده ما يمكنه أن يركب منه صورة معنى لا عهد للأذهان به من قبل.
أما أثر التخيل في التربية، فإنك إذا لقنت الناشئ الأخلاق الحميدة،

الصفحة 162