كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 1)

أنشد أبو الحسن الأبياري بين يدي الصاحب بن عباد قصيدته التي رثى بها الوزير ابن بقية: علوٌّ في الحياة وفي الممات.
ولما أنشد قوله منها:
ولم أر قبلَ جذعِك قطُّ جذعاً ... تمكن من عناق المكرمات
قام إليه الصاحب، وعانقه، وقبَّل فاه.
ولما اطلع العلامة ابن الدقيق على قصيدة ابن خميس التي يقول في طالعها:
عجباً لها أيذوق طعم وصالها ... من ليس يأمل أن يمر ببالها
استوى قائماً من فرط إعجابه بها.
وسمع ابن جني قول المتنبي:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم
فقال: لو لم يقل المتنبي غير هذا البيت، لتقدم به أكثر المحَدثين.
ودخل الشاعر المدعو ابن جاخ على المعتضد بن عباد، وأنشد بين يديه قصيدته التي يقول في طالعها:
قطّعتَ يا يوم النوى أكبادي ... ونفيت عن عيني لذيذ رقادي
فلما انتهى من إنشادها، قال له المعتضد: اجلس، فقد وليتك رئاسة الشعر، ولم يأذن في الكلام لأحد من بعده.
والشعر البارع بصياغة الألفاظ وتصوير المعاني: هو الذي يقصد كبار الشعراء إلى موازنته؛ كقصيدة أبي الحسن علي الحصري:
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه ... أقيام الساعة موعده

الصفحة 167