كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 2)

جعلوه ذيلاً لعلم البلاغة.
النوع الثاني: ما دوّنه الفلاسفة كعلم المنطق والهندسة والعدد والطبيعة والطب والهيئة.
ولنلمع بعد أن انضبطت هاته العلوم بوجه إجمالي إلى استطلاعات يتطرق بها إلى أبوابها، وهي التلويح الثالث:
- الاستطلاع الأول:
لما استيقن الصحابة أن فهم القرآن مرتقى صعب لا يتسنمه كل نظر، انتهضوا يفتتحون باب تفسيره وتأويله، والعلماء بعدهم على آثارهم مقتدون؛ رعاية لجانب من لا يهتدي إلى ذلك سبيلا، أما من تبحر في أصول الشريعة وفروعها، وبرع في الصناعة العربية بأنواعها، وتوفر له بذلك وجدان يدرك به كنه الإعجاز، فما كان ينبغي له الإقامة تحت قيد الحجر عالة على غيره، وروي عن ابن عباس أنه قال: "إن في القرآن علماً لا يسع أحداً جهله، علماً تعرفه العرب، وعلماً تعرفه العلماء، وعلماً لا يعرفه إلا الله".
وهذا تقسيم للقرآن بحسب انقسام الناس فيه، فمنهم المقصر الذي لا يعلم إلا البيِّن، ومنهم الفصيح الذي لا يخفى عليه قصد المتكلم من تفسير الألفاظ ومقاطع الكلام، فيختص بمعاني خفية دون الأول:
ولكنْ تأخذ الأفهامُ منه ... على حسب القرائح والفهومِ
وحديث "من تكلم في القرآن بغير علم فقد أخطأ وإن أصاب"، معناه صحيح، وإن لم يصح سنده، وذلك بتخريجه على من تكلم في المشكل وهو لا يجد إليه سبيلاً مما يرجع إليه في تفسير ألفاظه.

الصفحة 12