كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 2)

- ومنها ما كتبه العالم، البارع، الماجد، الشيخ، السيد علي السنوسي، أحد أعيان المتطوعين بالجامع الأعظم، ونصه (¬1):
أيها العالم النحرير، الموشي حلة الفصاحة بتحبير التحرير، مدير "السعادة العظمى"، والبالغ من قنن الآداب المرتبة القصوى، أتم الله سراج عملك، وقرن بالسعادة خلاصة أملك، وحرس دينك ودنياك، وأدام تمكينك وعلياك، وبعد سلام تستنير في سماء الود أنواره، وتزهو في حدائق الصداقة أنواره، فقد تشرفت بمزيد السرور، ووقفت موقف الحامد الشكور، بالثمرة الشهية، والدرة النقية، التي بزغ في أفق السعادة هلالها وبدا جمالها، ومن أجله أفل القمر وبدا نقصه بعد أن ظهر كماله، فياحبذا طالع الجمال، الذي كان في غرتها كبراعة الاستهلال، قارنه العمر المزيد، للأمد البعيد، حتى يصان من الأفول هلالها، ويصير بدراً نيراً لنرى كمالها.
ولما أرسلت رائد الفكر في حياضها، وسرحت بريد النظر في رياضها، وجدتها جنة العلوم، مزهرة بأنواع من منثور ومنظوم، نشرت النسائم زواهر أغصانها؛ وباحت حمائمها بترديد سجعاتها وترنمت بأعذب الأساليب فنون ألحانها، بالدر طرزت ألفاظها، وبالفرات فاضت حياضها، ففاقت بحسن نظامها على عقود اللآل، ولم يتقدم لنا نظيرها في العصر الخوال، جامعة لعوارف المعارف، وطريف اللطائف، من كل الأرجاء، وكل الصيد في جوف الفراء، فهي آية للألباء وذكرى، وإن من البيان لسحرا، فحق للقطر أن يفتخر بمجلة حافلة بالمزايا، كافلة باستخراج الفرائد من خبايا الزوايا، فمطالعها تتسع دائرة إطلاعه، ويمتد إلى المعالي طويل باعه، ويجتني
¬__________
(¬1) العدد الخامس - الصادر في غرة ربيع الأنور 1322.

الصفحة 37