كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 2)
فسيحة، وأبحاثها من مثل وتاريخ صحيحة، يعترف المنصف لها بالصواب، ويذعن الحسود لفضلها فلا ينبسر للرد عليها ولو بجواب، لله مجلة سمت في الحاضرة، لما حوت من علوم وآداب يانعة ناضرة، يمتد لها أعناق ذوي الهمم من كل جانب، ويشخص أبصار ذوي الفضائل من المشارق والمغارب، سترد الأمة بصيرة، لما تقدم لها به من إرشاد ونصيحة، فما أعظمه حظاً قمتم به في مجتمع الإنسان الضروري ليجتني مصالحه المتوقفة على التعاون، الذي لا يحصل إلا إذا كانت الأمة قلباً واحداً.
ولما وجدت حزمتها منحلة، أردت جمع ما تشتت منها وربطها بكلمة الدين، أعانك الله على ذلك الجمع تحت الكتاب والسنّة، وعلى محو البدع والضلالات المشينة للدين اللاتي دسهن أناس أرادوا بنا هبوطاً إلى ما نحن عليه من الإنصرام، صرّم الله حبال جمعهم، وفرّق شملهم وكلمتهم، فبهمتكم من حثكم على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقال في هو أمر أولي هيولي، لا بد منه لأن كل ما سواه ثانوي، ولأن الوقت يوجب على كل من فيه أدنى شعور، الالتحام مع أخوته، ثم على العلم والعمل، وأن يعمل الإنسان للدنيا كما يعمل للآخرة، كما جاء به صريح نص السنّة، تستيقظ الأمة من سنتها.
فلا شك أن هذا غاية تأسيسكم لهاته الوسيلة السامية في برد العلم والفضل، وهي أقرب وأسهل طرق الإفادة، وتنبيه أمة استهواها شيطان الغفلة والكسل وتسيطرت عليها الشهوة، وإن كان الله تعالى نَوّرها بالبصيرة التي من شأنها تقودها إلى الخير وتصدها عن الشر، إلا أن تلك الشهوة والأغراض النفسانية التي تهبط بالأمم إلى الذل والخسران "أعاذنا الله وإياكم" تخالف تلك البصيرة عما تراه، فتريد سلوكه من حميد الخصال، والإقبال على صالح
الصفحة 39
219