كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 2)

- ومن أعزها ما تشرفتُ به من قلم أستاذي الذي شبّت في طوق تعليمه فكرتي، وتغذيت بلبان معارفه من أول نشأتي، العلامة الهمام، القدوة، خالنا الشيخ سيدي محمد المكي بن عزّوز أبقاه الله، ونصه (¬1):
حفظ الله مقام الابن العزيز العالم النحرير، والبارع الخطير، الشيخ "سيدي محمد الخضر الشريف الحسني" دام للحق ناصراً، وللعلم والكمالات ناشراً، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنَّا بمجلتكم الرائقة مبتهجون، ولتحريراتها السديدة شاكرون، وأنبئكم أنه لما أشرقت غرَّتها، وانبلجت ديباجتها، تصفحت درر عقودها، وتعمدت سبر عودها، لنعلم كيف نتيجة تربيتنا، وإلى أَي طور بلغ فرع دوحتنا، وبأي ثمرة تفتر أكمامه، وعلى الوطن بأي صفة تهب أنسامه، فألفيتها شريفة المقاصد، بصيرة المراصد، مشرئبة إلى المباحث العالية، ساعية إلى حصحصة الحق في المسائل القريبة والقاصية، واسعة العارضة، أفهمت أنها بكل عبء من المشكلات ناهضة، فحمدنا الله حيث أظهر ما كنا تفرسناه، وبالتأسيس تحريناه، غير أني نقمت منها علو تعبيرها، وإن كانت جليلة في بلاغتها وتحبيرها، فحالها إذ ذاك يقول: لا يستطيبني إلا عالم، أو أديب خبير بالمعالم، فتربصت ليتضح مسلكها، ويخلص مسبكها، ففي العدد الثالث وما بعده وجدتها تنازلت في تعبيراتها، واشترك أواسط الطلبة مع الأساتذة في اجتناء ثمراتها، واستمرت على تلك الخطة الحميدة، وصدق عنوانها بأن السيرة المستضيئة بها سعيدة، وما أظن ذا ذوق وإنصاف يغض منها، أو يحيد عنها، كيف وقد أبرزت لميدان المذاكرة مباحث مهمة، وحررت جانباً وافراً من
¬__________
(¬1) العدد الثالث عشر - الصادر في غرة رجب الأصب 1322.

الصفحة 46