كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 12/ 2)

براءة القرآن مِنَ الشِّعِر (¬1) (¬2)

كان النبى - صلى الله عليه وسلم - أفصح ولد آدم، ولكنه حجب عنه الشعر لما ادخره الله له في ضمير الغيب من جعل فصاحة القرآن معجزة له ودلالة على صدقه، بشهادة قوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحاقة: 41] الآية. وقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69].
وقد اعترض جماعة من فصحاء الملحدة في نظم القرآن بآيات يريدون بها التلبيس على الضعفة، منها قوله تعالى: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ
¬__________
(¬1) العدد الثالث - الصادر في صفر 1322.
(¬2) أورد الإمام في العدد الثالث من مجلة "السعادة العظمى" التعليق التالي:

ورد على ما حررناه في العدد الثاني من المجلة تحت عنوان: " براءة القرآن من الشعر"، أن قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر: 49] وكلام تام، وعليه فلا محيص من الرجوع إلى الجواب العام الذي هو مراعاة القصد الأولي، وجوابه أن الآية لا تكون على وزن شيء من الشعر إلا بإشباع الميم من قوله: {الرَّحِيمُ]، وإذا أشبعت لم يكن قرآناً، هذا وقد أورد "الفخر الرازي" في تفسيره قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا} [آل عمران: 92] الآية، ولم يذكر إلا ذلك الجواب العام مع أنه لا يوافق وزن مجزوء الرمل الذي ادعوه إلا بحذف النون من قوله: {تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] أما قوله تعالى: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} [سبأ: 14] الآية، فجوابه أنه غير تام لتوقفه على ما قبله من جهة عطفه عليه.

الصفحة 61