كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 12)

ويجاب عن ذلك:
بأن المضمون إذا أعسر لم يسقط الدين، وإنما يكون مؤجلاً إلى ميسرة، وهذا بأمر الشارع، قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] ولو كان مثل ذلك يمنع المعاملة لمنع الدين مطلقًا؛ لأن الديون كلها يتطرق إليها هذا الاحتمال، فإذا أعسر المدين ذهبت على صاحبها.

دليل من قال: يجوز أخذ العوض على الضمان:
الدليل الأول:
لا يوجد دليل صحيح صريح من كتاب، أو من سنة يحرم أخذ العوض على الضمان، ولا يوجد محذور شرعي في أخذ العوض على الضمان، كما لا توجد مصلحة شرعية في تحريمه، بل إن المصلحة في إباحته وحله، وصحته، والأصل في المعاملات الإباحة والصحة، ولا يحرم منها إلا ما يقوم الدليل الخاص على تحريمه.
ويقول الشيخ علي الخفيف: "ليس هناك دليل من الكتاب أو السنة يبين ما يجوز أخذ العوض فيه، وما لا يجوز أخذ العوض فيه، ومرجع الفقهاء في هذا المجال هو الاجتهاد. وللعرف في ذلك أثر كبير، ومن ثم كان اختلافهم في أمور كثيرة جوز بعضهم أخذ العوض فيها، فأجازوا فيه المعاوضة، وخالفهم غيرهم فلم يجيزوا أخذ عوض عنها، ورأوا فساد المعاوضة فيها، وقد نص الفقهاء على أن المالية تثبت بتمويل الناس، فلا حرج من أن نجوّز ذلك تأسيسًا على أنه أمر تدعو إليه المصلحة، ولم يرد نص شرعي يمنعه، فهو على الإباحة الأصلية، فكيف إذا دعت إليه المصلحة، فهو إذن إلى المندوب أقرب منه إلى المباح" (¬١).
---------------
(¬١) نقلاً من كتاب دراسة شرعية لأهم العقود المستحدثة - محمَّد مصطفى الشنقيطي (١/ ٣٣٥) =

الصفحة 505